﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ﴾ أي: فاختلفوا فبَعَثَ إلخ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(أي: فاختلفوا): " إشارة إلى أن الفاء فصيحة (١)، وما بعده قرينة عليه." (٢) (ش)
" يعني: ليحكم بينهم فيما اختلفوا فيه." أهـ
عبارة (ق):
" ﴿فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ﴾: أي اختلفوا فبعث." (٣)
كتب (ع):
" الظاهر: (فاختلفوا فبعث) على ما في (ك) (٤) وغيره.
ولعله قدر (اختلفوا) بعد فاء فبعث، وقدم الفاء على بعث اختيارا؛ لما قاله ابن عصفور (٥): "أن الفاء في: ﴿فَانفَجَرَتْ﴾ (٦) هي فاء فضرب، وأن فاء: (فانفجر) (٧) حذفت ليكون على المحذوف دليل ببقاء بعضه." (٨)
وأورد عليه أن: أن لفظ الفاءين واحد فكيف يجعل دليلا؟
_________
(١) من خصائص الفاء العاطفة: جواز حذفها مع معطوفها للدليل، وتسمى الفاء العاطفة على مقدر (الفاء الفصيحة): فهِي الَّتِي يحذف فِيهَا الْمَعْطُوف عَلَيْهِ، مَعَ كَونه سَببا للمعطوف، من غير تَقْدِير حرف الشَّرْط، مثل الفاء في قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ﴾ [البقرة: ٦٠]، والتقدير: فضرب فانفجرت، فالفعل "انفجر" معطوف على "ضرب" المحذوف.
ينظر: شرح التصريح على التوضيح (٢/ ١٨٦)، الكليات (١/ ٦٧٦).
(٢) حاشية الشهاب على البيضاوي (٢/ ٢٩٨).
(٣) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٥).
(٤) ينظر: تفسير الكشاف (١/ ٢٥٥). يقصد الإمام عبد الحكيم أن الظاهر والأولى: مجيء الفاء في "فاختلفوا" كما جاءت في عبارة الكشاف، وقد خلت منها عبارة البيضاوي.
(٥) ابن عصفور: هو علي بن مؤمن بن محمد، الحَضْرَمي الإشبيلي، أبو الحسن، المعروف بابن عصفور، المتوفى: ٦٦٩ هـ، حامل لواء العربية بالأندلس في عصره. من كتبه: «المقرب» في النحو، و «الممتع» في التصريف، و «المفتاح»، و «الهلال»، و «شرح الجمل»، و «شرح المتنبي»، و «سرقات الشعراء»، و «شرح الحماسة». ينظر: عنوان الدّراية فيمن عُرف من العلماء في المائة السَّابعة ببجايَة (١/ ٣١٧) [لأبي العباس الغِبْرِيني ت: ٧١٤ هـ، تحقيق: عادل نويهض، منشورات دار الآفاق، بيروت، ط: الثانية، ١٩٧٩ م]، فوات الوفيات (٣/ ١٠٩)، شذرات الذهب (٧/ ٥٧٥).
(٦) هي جزء من قوله تعالى: ﴿فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا﴾ [البقرة: ٦٠].
(٧) كتبت في النسختين أوب بدون تاء، وفي نص حاشية عبد الحكيم: (فانفجرت) بالتاء كسابقتها.
(٨) ينظر: المقرب، لابن عصفور (١/ ٢٣٦).
ومعنى كلام ابن عصفور: أن تقدير الآية: فضرب فانفجرت، فعلين بفاءين، في كل فعل واحدة، حذف الفعل الأول (ضرب)، لدلالة قوله تعالى: ﴿اضْرِب﴾ عليه، ولكن تركت فاؤه لتدل على حذفه، ثم حذفت فاء ﴿فَانفَجَرَتْ﴾؛ لعدم اجتماع فاءين في كلمة واحدة.