أي: الكتابُ، أو الله - سُبحانه وتعالى - أو كلُّ واحد من النبيين.
﴿بَيْنَ النَّاسِ﴾ أي: المذكورين، والإظهارُ في موضعِ الإضمارِ؛ لزيادة التعيين.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في المعنى، أي: ليظهر حكمه. وإلى النبيين من تكلف في اللفظ؛ حيث لم يقل: ليحكموا." (١) أهـ
قال السيوطي: " وقال أبو حيان: " الأظهر عوده إلى الله، والمعنى: أنزل الكتاب ليفصل به بين الناس، ويؤيده قراءة: (لنحكم) بالنون على الالتفات (٢).
ونسبة الحكم إلى الكتاب مجاز، كما أن إسناد النطق في قوله: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ﴾ (٣) مجاز." (٤) " (٥) أهـ
(أي: الكتاب) عبارة (ق):
" أي: الله، أو النبي المبعوث، أي (٦) كتابه." (٧) أهـ
_________
(١) مخطوط حاشية سعد الدين التفتازاني على الكشاف لوحة (١٣٤ / ب).
(٢) قرأ الجمهور: ﴿لِيَحْكُمَ﴾ بفتح الياء على البناء للفاعل من حَكَمَ.
وقرأ الجحدري: (لنحكم) بنون العظمة، ويتعين عود الضمير على الله تعالى.
نقله الإمام أبو حيان في " البحر المحيط " (٢/ ٣٦٦) عن مكي.
وقال مكي في تفسيره " الهداية إلى بلوغ النهاية " (١/ ٦٩٩): " وقرأ الجحدري: (لِنَحْكُمَ) بالنون." [لمكي بن أبي طالب ت: ٤٣٧ هـ، مجموعة رسائل جامعية - جامعة الشارقة، بإشراف أ. د: الشاهد البوشيخي، الناشر: كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة، ط: الأولى، ١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م]
وقال الإمام ابن عطية في " المحرر الوجيز " (١/ ٢٨٦): " وقرأ الجحدري (ليُحكَم) على بناء الفعل للمفعول [وهذه هي القراءة المشهورة عنه]، وحكى عنه مكي «لنحكم».
قال القاضي أبو محمد: وأظنه تصحيفا؛ لأنه لم يحك عنه البناء للمفعول كما حكى الناس."
ثم قال الإمام السمين الحلبي في " الدر المصون " (٢/ ٣٧٦): " وقد ظَنَّ ابنُ عطية أن مكياً غَلِطَ في نَقْلِ هذه القراءةِ عنه وقال: «إنَّ الناسَ رَوَوْا عن الجحدري (ليُحْكَمَ) على بناءِ الفعلِ للمفعولِ.» ولا ينبغي أن يُغَلِّطَه لاحتمالِ أن يكونَ عنه قراءتان."
(٣) سورة: الجاثية، الآية: ٢٩.
(٤) تفسير البحر المحيط (٢/ ٣٦٥ - ٣٦٦) باختصار.
(٥) حاشية السيوطي على البيضاوي (٢/ ٤٠٧).
(٦) في تفسير البيضاوي بلفظ (أو).
(٧) تفسير البيضاوي (١/ ١٣٥).
وينظر: زاد المسير (١/ ١٧٧)، مدارك التنزيل (١/ ١٧٧).
وقال الإمام الرازي في " مفاتيح الغيب " (٦/ ٣٧٥): " قَوْلَهُ: ﴿لِيَحْكُمَ﴾ فِعْلٌ فَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِنَادِهِ إِلَى شَيْءٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ، فَأَقْرَبُهَا إِلَى هَذَا اللَّفْظِ: الْكِتَابُ، ثُمَّ النَّبِيُّونَ، ثُمَّ اللَّهُ، فَلَا جَرَمَ كَانَ إِضْمَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا صَحِيحًا، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لِيَحْكُمَ اللَّهُ، أَوِ النَّبِيُّ الْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ، أَوِ الْكِتَابُ، ثُمَّ إِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ يَخْتَصُّ بِوَجْهِ تَرْجِيحٍ، أَمَّا الْكِتَابُ؛ فَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْمَذْكُورَاتِ، وَأَمَّا اللَّهُ؛ فَلِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْحَاكِمُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا الْكِتَابُ، وَأَمَّا النَّبِيُّ؛ فَلِأَنَّهُ هُوَ الْمُظْهِرُ."


الصفحة التالية
Icon