﴿أُوْلَئِكَ﴾ إشارة إلى الموصول، باعتبار اتصافه بما في حيِّز الصلةِ من الارتداد والموتِ عليه.
وما فيه من معنى البُعد؛ للإشعارِ ببُعد منزلتهم في الشر والفساد.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وظاهر الآية يقتضي أن الوفاة على الردة شرط لحبوط الأعمال في الدنيا والآخرة، والخلود في النار، وأن لا يثبت شاء منها إن أسلم بعد الردة.
ولهذا احتج بها الشافعي: على أنه لا تحبط الأعمال حتى يموت صاحبها عليها.
وعند أبي حنيفة: تبطلها مطلقا وإن رجع مسلما؛ تمسكا بعموم: ﴿وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (١)، ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ (٢).
ويتفرع عليه مسألتان:
الأولى: أن جماعة من المتكلمين قالوا: شرط صحة الإيمان والكفر حصول الوفاة عليهما، فلا يكون الإيمان إيمانا إلا إذا مات المؤمن عليه، ولا يكون الكفر كفرا إلا إذا مات الكافر عليه.
الثانية: أن المسلم إذا صلى ثم ارتد في الوقت، قال الشافعي: لا إعادة عليه، وقال أبو حنيفة:
يلزمه قضاء ما أدى، وكذا الكلام في الحج (٣)." (٤) أهـ
(إلى الموصول (٥)) أي: معنى، إذ هو في قوة: والشخص الذي يرتدد، وإلا فهو: اسم شرط (٦)، بمعنى: أي شخص يرتدد.
(بما في حيز الصلة) أي: معنى، وإلا فهو شرط.
(من الارتداد إلخ) بيان لما في حيز إلخ.
_________
(١) سورة: الأنعام، الآية: ٨٨.
(٢) سورة: المائدة، الآية: ٥.
(٣) ينظر: مفاتيح الغيب (٦/ ٣٩٢ - ٣٩٣)، شرح التلويح على التوضيح (١/ ٤١٣) [لمسعود بن عمر التفتازاني ت: ٧٩٣ هـ، مكتبة صبيح بمصر]، البحر المحيط في أصول الفقه (٥/ ٣٠).
(٤) حاشية زادة على البيضاوي (٢/ ٥٢٢ - ٥٢٣).
(٥) يقصد لفظ (من) في قوله: ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ﴾، وهو هنا اسم شرط وليس اسم موصول، إلا أنه في معناه.
(٦) من: اسم شرط جازم، وهي في الأصل موضوعة لمن يعقل، ثم ضمنت معنى الشرط فجزمت فعلين، نحو: ﴿مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣]. ينظر: التحفة الوسيمة شرح على الدرة اليتيمة (١/ ٣٤) [لمحمد عبد القادر بن أحمد العالم القبلوي ت: ١٤٣٠ هـ]، فتح رب البرية في شرح نظم الأجرومية (١/ ٢١٠).


الصفحة التالية
Icon