٥ - قوله -عز وجل-: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾:
رجع من الخبر إلى الخطاب على التلوين (١). وقيل: فيه إضمار، أي: قولوا: إياك نعبد.
و(إيَّا): كلمة ضمير مكنية، لا يكون إلا في موضع النصب.
والكاف: في محل الخفض بإضافة (إيا) إليها، وخُصَّ بالإضافة إلى المضمر، ولا يضاف إلى الاسم المظهر إلا شاذًّا (٢) كقول (٣) الشاعر:

دَعْنِي وَإيَّا خَالِدٍ فَلأقْطَعَنَّ عُرى نِيَاطِهِ (٤)
(١) وهو من أساليب القرآن المعروفة ويسمى بالالتفات، وأمثلته في القرآن كثيرة، منها قوله تعالى ﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ [الإنسان: ٢١، ٢٢] فانتقل من الحكاية عن الغائب في قوله: ﴿وَسَقَاهُمْ﴾ إلى خطاب الحاضر في قوله: ﴿كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)﴾.
قال ابن كثير رحمه الله:.. وكذلك هذِه الآية الكريمة: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ وتحول الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب وهو مناسبة؛ لأنه لما أثنى على الله فكأنه اقترب وحضر بين يدي الله؛ فلهذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾. "تفسير القرآن العظيم" ١/ ٢١٥.
وانظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٢٣ - ٢٤، "مفاتيح الغيب" للرازي ١/ ٢٥٢، "البسيط" للواحدي ١/ ٣٢٣.
(٢) "الكتاب" لسيبويه ١/ ٢٧٩، "معاني القرآن وإعرابه" للزجاج ١/ ٤٩، "سر صناعة الإعراب" لابن جني ١/ ٣١٣، "إعراب ثلاثين سورة" لابن خالويه (ص ٢٦).
(٣) في (ت): قال.
(٤) البيت ذكره في "لسان العرب" لابن منظور ١/ ٢٨١ (أيا). =


الصفحة التالية
Icon