الفعل لهم (١).
٢٩ - قوله عز وجل: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ﴾
أي: لأجلكم ﴿مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ أي: قصدَ وعَمَدَ إلى خلْق السماء (٢)، ﴿فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ أي: خلق سبع سموات مُستويات بلا فُطور ولا شطور ولا عَمَدٍ تحتها، ولا علاقة فوقها، ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ أي: عالم.

(١) "المحرر الوجيز" لابن عطية ١/ ١١٤، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١/ ٢١٤، "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي ١/ ٣٨٣، "الميسَّر" (ص ٥)، ووافق يعقوب الحضرمي ابن محيصن والمطوعي، وقرأ بها آخرون أيضًا.
(٢) قال السمعاني والبغوي في تفسيريهما: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ قال ابن عباس: وأكثر المفسرين من السلف: أي: ارتفع وعلا إلى السماء. ورجَّح ابن جرير الطبري -أيضًا- أنَّ الاستواء -ها هنا- بمعنى العلوّ فقال -بعد أن أورد الأقوال في ذلك-: وأولى المعاني يقول الله جلَّ ثناؤه ﴿جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ﴾: على عليهنَّ وارتفع، فدبَّرهن بقدرته، وخلقهنَّ سبع سماوات. والعجب ممَّن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾ الذي هو بمعنى العلو والارتفاع... ثم شرع يرد على الذين أوَّلوا ذلك.
وبمثل قول المصنِّف قال جمع من المفسرين، حيث قال ابن كثير رحمه الله:.. أي: قصد إلى السماء، والاستواء ها هنا مضمَّنٌ معنى القصد والإقبال؛ لأنّه عُدّي بـ (إلى).
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي في "تيسير الكريم الرحمن": ﴿اسْتَوَى﴾: ترد في القرآن على ثلاثة معانٍ: فتارة لا تُعدى بالحرف، فيكون معناها: الكمال والتمام، كما في قوله عن موسى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾، وتارة تكون بمعنى (علا) و (ارتفع).
وذلك إذا عُدّيت (بعلى)، كقوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥)﴾، و ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾، وتارة تكون بمعنى (قصد) كما إذا عُدّيت بـ (إلى) كما في =


الصفحة التالية
Icon