أي: فليطيعوني، ﴿مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ أي: نالهم الجراح والكلوم، وتم الكلام هاهنا، ثم ابتدأ فقال: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ﴾ بطاعة رسول الله وإجابته (١) إلى الغزو. ﴿وَاتَّقَوْا﴾ أي: معصيته ومخالفته ﴿أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ ثواب كبير.
١٧٣ - قوله عز وجل: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ﴾
ومحل ﴿الَّذِينَ﴾ خفض أيضًا مردود على ﴿الَّذِينَ﴾ الأول (٢)، وأراد بالناس: نعيم بن مسعود في قول مجاهد ومقاتل وعكرمة والواقدي (٣)، وهو على هذا التأويل من العام الذي أريد به الخاص، نظيره قوله عز وجل: ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ﴾ (٤): يعني: محمدًا - ﷺ - وحده (٥)، وقوله عز وجل: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ (٦) يريد الدجال وحده (٧).

(١) في الأصل إجابتهم، والمثبت من (س)، (ن).
(٢) انظر: "التبيان" للعكبري ١/ ١٥٨ "اللباب" لابن عادل الدمشقي ٦/ ٥٧ فيه أوجه ذكرها السمين الحلبي في "الدر المصون" ٣/ ٤٨٨.
(٣) تقدم قول مجاهد وعكرمة، وينظر قول الواقدي في "المغازي" ١/ ٣٨٤ - ٣٩١.
(٤) النساء: ٥٤.
(٥) هو قول عكرمة والسديّ ومجاهد والضحاك كما في "جامع البيان" للطبري ٦/ ١٣٨.
(٦) غافر: ٥٧.
(٧) أخرج مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في بقية من أحاديث الدجال (٢٩٤٦) عن هشام بن عامر سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال".


الصفحة التالية
Icon