٦٦ - ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ﴾
يعني: فرضنا، وأوجبنا ﴿أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ كما أمرنا بني إسرائيل ﴿أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ﴾ بالهجرة، كما أمرناهم بالخروج من مصر ﴿مَا فَعَلُوهُ﴾ رجع الهاء إلى فعل القتل، والخروج؛ لأن الفعل -وإن اختلفت أجناسه- فعبارة واحدة، ﴿إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ وهذه الآية نزلت في قول ثابت بن قيس (١)، وكان هو من القليل الذي استثنى الله، ورفع القليل على ضمير الفاعل في قوله: ﴿فَعَلُوهُ﴾ وقيل: على التكرار، تقديره: ما فعلوه. تم الكلام، ثم قال: إلا أنه فعله قليل منهم، كقول عمرو بن معدي كرب (٢):
وكل أخ مفارقه أخوه... لعمر أبيك، إلا الفرقدانِ
وقرأ أبي بن كعب، وعيسى بن عمر، وابن أبي إسحاق، وابن عامر: (قليلا منهم) بالنصب، وكذا في مصاحف أهل الشام على الاستثناء (٣)، وقيل فيه إضمار، تقديره: إلا أن يكون قليلا منهم.
(٢) البيت ليس له، على الصواب، إنما هو لحضرمي بن عامر الأسدي، كما حقق ذلك الأستاذ شاكر في تحقيقه لـ"جامع البيان" للطبري ٨/ ٥٢٧.
وانظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ١٣، "البيان والتبيين" للجاحظ ١/ ٢٢٨.
(٣) انظر: "المصاحف" لابن أبي داود (ص ٥٤)، "السبعة" لابن مجاهد (ص ٢٣٥).
وهو قول ثابت بن قيس -أيضًا- حكاه عنه السدي، أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٥/ ١٦٠، وذكره ابن أبي حاتم في "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ٩٩٥ عن عبد الله بن رواحة، وأبي بكر الصديق، وابن مسعود.