وهذا كما تقول: وددت أن أقوم، فيتبعَني الناس (١).
ثم نزلت في المنافقين الذين تخلفوا عن أحد.
٧٤ - قوله: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ﴾
أي: يختارون الحياة الدنيا على الآخرة، ومعنى يشرون: يشترون، يقال: شريت، بمعنى: أشتريت (٢)، وحينئذ يكون حكم الآية: آمنوا ثم قاتلوا؛ لأنه لا يجوز أن يكون الكافر مأمورًا بشيء متقدم على الإيمان.
وقال بعضهم: نزلت هذه الآية في المؤمنين المخلصين، معناه: فليقاتل في سبيل الله الذين يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة، ثم قال: ﴿وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ بمعنى: يستشهد ﴿أَوْ يَغْلِبْ﴾ بمعنى: يظفر ﴿فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا﴾: في كلا الوجهين ﴿أَجْرًا عَظِيمًا﴾ يعني: الجنة.
ثم حرض المؤمنين على السعي في تخليص المستضعفين فقال:
٧٥ - ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ﴾
أي: تجاهدون ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ يعني: في طاعة الله ﴿وَالْمُسْتَضْعَفِينَ﴾
وانظر: "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٧٦، وقوله: منسوق. أي: معطوف.
(١) هذا كله من كلام الفراء في المصدر السابق.
(٢) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٧٧، "مفردات ألفاظ القرآن" (ص ٤٥٣)، والمعنى: يبيعون الآخرة بالدنيا، هذا على قول من قال: إنها نزلت في المنافقين.