ويدل عليه: أن الله لا يتعبد الكافر والمنافق بالشرائع، بل يتعبدهم -أولا- بالإيمان، ثم بالشرائع، فلما نافقوا نبه الله تعالى على أحوالهم، وقد قال الله تعالى مخبرًا عن المنافقين: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا﴾، وقال: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ (١) وقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا﴾ (٢).
﴿قُلْ﴾: لهم، يا محمد ﴿مَتَاعُ الدُّنْيَا﴾ أي: منفعتها، والاستمتاع بها ﴿قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ﴾ يعني: وثواب الآخرة ﴿خَيْرٌ﴾: أفضل ﴿لِمَنِ اتَّقَى﴾: الشرك، ومعصية الله (٣) والرسول ﴿وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾.
قال ابن عباس وعلي بن الحكم: الفتيل: الذي في شق بطن النواة.
٧٨ - ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ﴾: ينزل بكم الموت.
نزلت في قول المنافقين، لما أصيب أهل أحد: ﴿لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا﴾ (٤) فرد الله عليهم وقال: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾.
قال قتادة: معناه: في قصور محصنة (٥).
(٢) المنافقون: ٣.
(٣) ساقطة من الأصل، (م).
(٤) آل عمران: ١٥٦.
(٥) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٥/ ١٧٢، وزاد السيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٣٢٩ نسبته لعبد بن حميد، وابن المنذر.