معهم بذاته، ثم يدبر الأمر من السماء إلى الأرض، وإليه يصعد الكلم الطيب، ولو كان قوله ﴿وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾ بمعنى المكان؛ لوجب ألا يكون معهم إذ لم يبيتوا؛ لأنه جعل كونه معهم بشرط أن يبيتوا ما لا يرضاه من القول (١).
ثم أقبل على قوم طعمة، فقال:
١٠٩ - ﴿هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ﴾
أي: يا هؤلاء، وها للتنبيه، ﴿جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ﴾ أي خاصمتم ﴿عَنْهُمُ﴾ عن طعمة، وهو في قراءة أبي بن كعب: (جادلتم عنهم في الدنيا (٢).
والجدال في اللغة: شدة المخاصمة، وهو من الجدل، وهو شدة الفتل، ورجل مجدول كأنه قد فتل، والأجدل: الصقر؛ لأنه من أشد الطيور قوة (٣).
﴿فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ﴾ أي: عن طعمة، ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ إذا أخذه الله بعذابه، وأدخله النار، ﴿أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا﴾ يعني كفيلًا.
ثم استأنف فقال:

(١) وانظر: مزيدا في الرد على هذا الضلال في: "نقض الدارمي على المريسي" ١/ ٤٤١ - ٤٥٠
(٢) وهي قراءة شاذة، ووجدت في "البحر المحيط" لأبي حيان ٣/ ٣٦٠ أنَّه ذكر عن عبد الله بن مسعود أنَّه قرأ: (جادلتم عنه) أي: عن طعمة.
(٣) هذه مقالة الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ١٠٢.
وانظر: "لسان العرب" لابن منظور (جدل).


الصفحة التالية
Icon