فقال موسى: إلهي، لو أنك قتلت هذا الشعب كلهم كرجل واحد لقالت الأمم الذين سمعوا: إنما هذا الشعب من أجل أنه لم يستطع أن يدخلهم الأرض، فقتلهم في البرية، وإنك طويل صبرك، كثيرة نعمك، وأنت تغفر الذنوب، وتحفظ الآباء على الأبناء، وأبناء الأبناء (١)، فأغفر لهم ولا توبقهم.
فقال الله تعالى لموسى: قد غفرت لهم بكلمتك، ولكن بعد ما سميتهم فاسقين، ودعوت عليهم، بي حلفت عليهم لأحرمن عليهم دخول الأرض المقدسة، غير عبدي يوشع وكالب، ولأتيهنهم في هذِه البرية أربعين سنة مكان كل يوم من الأيام التي تجسسوا فيها سنة، ولتلقين جيفهم في هذِه القفار، وأم ابن وهم الذين لم يعملوا الخير والشر، فإنهم يدخلون الأرض المقدسة. فذلك قوله عز وجل:
٢٦ - قوله- عز وجل ﴿قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ﴾
يتحيرون في الأرض، ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾، فلبثوا أربعين سنة، في ستة فراسخ، يسيرون كل يوم جادين، حتى إذا سئموا، وأمسوا فإذا هم في الموضع الذي ارتحلوا منه (٢)، وكانوا ستمائة ألف مقاتل، ومات من النقباء (في التيه) (٣) العشرة الذي
(٢) هذا من كلام الربيع، كما أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٦/ ١٨١.
(٣) من (ت).