ثم يقول عيسى مجيبًا له: ﴿قَالَ سُبْحَانَكَ﴾ تنزيهًا وتعظيمًا لك ﴿مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾.
قال ابن عباس: تعلم ما في غيبي، ولا أعلم ما في غيبك.
وقال أبو روق: تعلم ما كان مني في دار الدنيا، ولا أعلم ما يكون منك في الآخرة (١).
وقال محمد بن كعب: تعلم ما أريد، ولا أعلم ما تريد.
وقال عبد العزيز بن يحيى: تعلم سري، ولا أعلم سرك، لأن السر موضعه الأنفس (٢).
وقال الزجاج: تعلم جميع ما أعلم ولا أعلم ما تعلم، لأن النفس عبارة عن جملة الشيء وحقيقته وذاته (٣).
﴿إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ ما كان، وما يكون.
١١٧ - ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾
وحدوه وأطيعوه ولا تشركوا به شيئًا ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ﴾ أقمت ﴿فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي﴾ قبضتني إليك.
قال الحسن: الوفاة في كتاب الله على ثلاثة أوجه: وفاة الموت، وذلك قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ
(٢) انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان ٤/ ٦٤.
(٣) في "معاني القرآن" ٢/ ٢٢٢ - ٢٢٣، وعبارته فيه أطول مما هنا.