وقال يمان بن رياب: هذا على معنى أنّ كلّ نبي أنذر قومه بالعذاب، فما كانوا ليؤمنوا بما كذب به أوائلهم من الأُمم الخالية، بل كذّبوا كما كذب أولوهم (١)، نظيره قوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (٥٢) أَتَوَاصَوْا بِهِ﴾ (٢).
وقيل: معناه: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ يعني بالمعجزات والعجائب التي سألوهم، فما كانوا ليؤمنوا بعد ما رأوا الآيات والعجائب، بما كذبوا به من قبل رؤيتهم تلك العجائب (٣)، نظيره قوله -عز وجل-: ﴿قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (١٠٢)﴾ (٤) وقوله: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ﴾ (٥). ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ﴾. (أي كما طبع الله على قلوب كفار الأمم الخالية، التي أهلكهم، كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين) (٦)، الذين كتب عليهم أن لا يؤمنون أبدا من قومك.
١٠٢ - ﴿وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ﴾
أي: وفاء بالعهد، والعهد: الوصية والأمر، {وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ
(٢) الذاريات: ٥٢ - ٥٣.
(٣) ذكره أبو حيان في "البحر المحيط" ٤/ ٣٥٤ بنحوه.
(٤) المائدة: ١٠٢
(٥) الإسراء: ٥٩
(٦) من (ت).