الناجية، وأن هذا الكلام من قول المؤمنين بعضهم لبعض، لأنّه لو كان الخطاب للمعتدين لقالوا: (ولعلكم تتّقون) (١)، يدلّ عليه قول يمان بن رئاب نجت الطائفتان الذين قالوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ﴾ والذين قالوا: ﴿مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ﴾ وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان، فجعلهم قردة وخنازير (٢). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ليت شعري ما فعل بهؤلاء الذين قالوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾؟. قال عكرمة: فقلت له: جعلني الله فداك ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم وقالوا: ﴿لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ﴾ فلم أزل به حتّى عرّفته أنهم قد نجوا، وكساني حلّة (٣).
١٦٥ - قوله -عز وجل-: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا﴾
تركوا ما وعظوا ﴿بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ﴾ أي: المعصية ﴿وَأَخَذْنَا﴾ عاقبنا ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ باعتدائهم في السبت، واستحلالهم ما حرم الله عليهم ﴿بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾ شديد وجيع، من البأس وهو الشدة، والفعل منه بَؤس يَبؤُسُ، واختلف القراء فيها فقرأ أهل المدينة: (بِيْس) بكسر الباء وجزم الياء من غير همزة، على وزن فِعْل (٤). وقرأ ابن عامر

(١) في الأصل: ﴿وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾. وما أثبته من (ت).
(٢) ذكره البغوي في "معالم التنزيل" ٣/ ٢٩٤ عنه، دون قوله: فجعلهم قردة وخنازير.
(٣) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٩/ ٩٦ عنه بنحوه من حديث طويل له.
(٤) ذكره ابن الجزري في "النشر في القراءات العشر" ٢/ ٢٠٤.


الصفحة التالية
Icon