وقال ابن زيد: فرقانا يفرق في قلوبهم بين الحق والباطل حتّى يهتدوا به ويعرفوه (١). والفرقان مصدر كالرحجان والنقصان. تقول: فرقت بين الشيء والشيء أفرق بينهما فرقًا وفرقانا وفروقا. ﴿وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ ويمحو عنكم ما سلف من ذنوبكم ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.
٣٠ - قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية
هذِه الآية معطوفة على قوله: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ﴾ (٢) واذكر ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ﴾ (٣) لأن هذِه السورة مدنية. وهذا القول والمكر إنما كانا بمكة، ولكن الله ذكرهم بالمدينة كقوله: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ (٤) وكان هذا المكر على ما ذكره ابن عباس - رضي الله عنهما- وغيره من المفسّرين أن قريشًا لمّا أسلمت الأنصار، فرقوا أن يتفاقم أمر رسول الله - ﷺ -، فاجتمع نفر من مشايخهم (٥) وكبارهم في دار الندوة، فتشاوروا في أمر رسول الله - ﷺ -، وكانت رؤوسهم: عُتْبة وشيبة ابني ربيعة، وأبا جهل، وأبا سفيان، وطُعَيْمة بن عدي، والنضر بن الحارث، وأبا البَخْتَرِي بن هشام، وزَمْعَة بن الأسود، وحَكِيم بن حزام، ونُبَيْها ومُنُبّها ابني
(٢) الأنفال: ٢٦.
(٣) الأنفال: ٣٢.
(٤) التوبة: ٤٠.
(٥) من (ت) وفي الأصل: شجعانهم.