﴿وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا﴾ بترككم النفير؛ لأنه لا حاجة به إليكم (١).
﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.
٤٠ - قوله تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾
هذا إعلام من الله تعالى أنه هو المتكفل بنصر رسوله - ﷺ - وإظهار دينه أعانوه أو لم يعينوه، وأنه قد نصره حين كان أولياؤه قليلًا وأعداؤه كثيرًا، فكيف به اليوم وهو في كثرة من العدد والعدة. فقال عز من قائل: إن لا تنفروا أيها المؤمنون إذا استنفركم، ولا تنصروه إذا استنصركم، فالله معينه ومغنيه عنكم كما نصره ﴿إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (٢).
وقيل معناه: إن لم تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا من مكة، حين مكروا به وأرادوا تبييته وهموا بقتله (٣) ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ﴾ نصب على الحال (٤)، أي: وهو أحد الاثنين، والاثنان رسول الله - ﷺ - وأبو بكر الصديق (٥) - رضي الله عنه -.
﴿إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ﴾ وهو نقب في جبل بمكة يقال له ثور (٦).

(١) "جامع البيان" للطبري ١٠/ ١٣٤، "معالم التنزيل" للبغوي ٤/ ٤٨.
(٢) "جامع البيان" للطبري ١٠/ ١٣٥ - ١٣٦، بتصرف يسير.
(٣) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)﴾ [الأنفال: ٣٠].
(٤) انظر "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٤٤٩، "البحر المحيط" لأبي حيان ٥/ ٤٥.
(٥) من (ت).
(٦) ثور: جبل جنوب مكة، عالٍ أغبر، يرى من جميع نواحيها المرتفعة، وبه غار ثور الذي اختبأ فيه رسول الله - ﷺ - وصاحبه أول هجرته. =


الصفحة التالية
Icon