١٠٦ - قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾
مُؤخَّرون (١) ﴿لِأَمْرِ اللَّهِ﴾ ليقضي فيهم ما هو قاضٍ. وهم الثلاثة الذين خلفوا (٢)، لم يُوثِقوا أنفسهم بالسواري، ولم يُبالِغوا في التوبة والاعتذار كما فعل أبو لبابة - رضي الله عنه - وأصحابه، فوقفهم رسول الله - ﷺ - خمسين ليلة، ونهى الناس عن مكالمتهم ومخالطتهم، وأمر نساءهم باعتزالهم، حتى شَفَّهم (٣) القلق، ونَهِكَهُم الحزن، وضاقت عليهم الأرض برُحْبِها، وكانوا من أهل بدر ﴿إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ فجعل أناس (٤) يقولون: هلكوا إذا لم ينزل لهم عذر، وجعل آخرون يقولون: عسى الله أن يغفر لهم، فصاروا مُرْجَئين لأمر الله؛ لا يدرون أيُعَذّبون أو يُرحَمون؟ حتى تاب الله تعالى عليهم بعد خمسين ليلة، ونزلت ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾.
(١) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ١/ ٢٦٩ وقال: يقال: أرجأتك؛ أي أخرتك، "معاني القرآن" للنحاس ٣/ ٢٥١، "غريب السجستاني" (ص ٤٢٥)، "معاني النيسابوري" ١/ ٣١٤.
(٢) انظر "جامع البيان" للطبري ١١/ ٢١، "أسباب النزول" للواحدي (ص ٢٥٩)، "زاد المسير" لابن الجوزي ٣/ ٤٩٧، "معاني النيسابوري" ١/ ٣١٤.
(٣) شفَّه الحزن يشفه شفًا وشفوفًا: لذع قلبه، وقيل: أنحله.
وشفّه الهم: أي هزله وأضمره حتى رقّ.
انظر: "الصحاح" للجوهري ٤/ ١٣٨٢، "لسان العرب" لابن منظور (شفف).
(٤) في (ت): الناس.