محمدًا أنَّه ابنه وتقول ليس بابنه؟ ! كان ابنه، ولكنه كان مخالفًا له في النية والعمل والدين، فمن ثم قال: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾.
وهذا القول أولى بالصواب، وأليق بظاهر الكتاب (١).
٤٧ - وقال نوح عليه السلام عند ذلك: ﴿رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
٤٨ - ﴿قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ﴾
انزل من السفينة إلى الأرض ﴿بِسَلَامٍ﴾ بأمن وسلامة ﴿مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ﴾ وهم الذين كانوا معه في السفينة (٢).

(١) وهو قول ابن إسحاق كما في "الوسيط" للواحدي ٢/ ٥٧٥، وقاله أَيضًا مقاتل، انظر: "تفسيره" (١٤٧ أ)، بل نسبه الماوردي في "النكت والعيون" ٢/ ٤٧٦ لجمهور المفسرين.
وهو اختيار الطبري، وابن كثير، وابن الجوزي. انظر: "جامع البيان" للطبري ١٥/ ٣٤٦، "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ٢/ ٤٤٨، "زاد المسير" لابن الجوزي ٤/ ١١٤.
قلت: وهذا القول هو الراجح لأمور:
١ - أن الأصل في اللفظ الحقيقة ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾.
٢ - أن النفي لم ينصب على كونه ابنه وإلا لقال: إنه ليس ولدك، بل أنصب النفي على كونه من أهله، فيحمل على أهلك الصالحين الناجين الذين بينك وبينهم الولاء.
٣ - أن هذا القول بشع وعظيم؛ فإن الله غضب على الذين رموا أم المُؤْمنين: ﴿إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)﴾ [سورة النور: ١٥].
(٢) انظر: "تفسير ابن حبيب" (١٠٨ أ)، "الوسيط" للواحدي ٢/ ٥٧٦.


الصفحة التالية
Icon