قال ابن جرير: إنّما خَصَّ النَّاصية؛ لأن العرب تستعمل ذلك إذا وصفت إنسانًا بالذلة والخضوع. فتقول: مَا نَاصِيَةُ فُلانٍ إلَّا بِيَدِ فُلانٍ، أي: أنَّه مطيع له يصرِّفه كيف شاء، وكانوا إذا أسروا الأسير فأرادوا إطلاقه والمنّ عليه جَزُّوا ناصيته؛ ليعتدوّا بذلك فَخْرًا عليه، فخاطبهم بما يعرفون في كلامهم (١).
﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ يقول: إنِّي ربّي على طريق الحق يجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بعصيانه (٢)، لا يظلم أحدًا شيئًا، ولا يقبل إلَّا الإِسلام (٣).
وقد قيل فيه إضمار، كأن (٤) التقدير: إنّ ربي يدلّ أو يحثّ أو يحملكم على صراط مستقيم (٥).
٥٧ - قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ﴾
أي: فقل يَا محمَّد (٦) قد ﴿أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ﴾ أي: ويهلككم ويستبدل بكم (٧) قومًا غيركم، يوحدونه
(٢) في (ك): والمسيئين بعصيانهم.
(٣) قال نحوه مجاهد، أخرجه الطبري في "جامع البيان" ١٥/ ٣٦٤.
(٤) في (ن): أي.
(٥) ذكره ابن حبيب في "تفسيره" (١٠٨ ب)، قريبًا من هذِه التقديرات ثم قال: وبعضها قريب من بعض.
وينظر "الوسيط" للواحدي ٢/ ٥٧٨، "زاد المسير" لابن الجوزي ٤/ ١١٨.
(٦) في (ك): يَا هود.
(٧) ساقطة من (ن).