وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لما خلق الله تعالى الأرض قمصت ومالت وقالت: يا رب! أتجعل عليَّ بني آدم يعملون الخطايا ويلقون عليَّ الجيف والنتن؟ فأرسى الله تعالى فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون (١) ﴿وَأَنْهَارًا﴾ يعني وجعل فيها أنهارًا ﴿وَسُبُلًا﴾ طرقًا مختلفة ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ إلى ما تريدون ولا تضلون ولا تتحيرون.
١٦ - ﴿وَعَلَامَاتٍ﴾
يعين معالم الطرق وقال بعضهم: هاهنا تم الكلام ثم ابتدأ ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ قال محمد بن كعب والكلبي أراد بالعلامات الجبال، والجبال علامات النهار والنجوم وعلامات الليل (٢).

= يدروا من أين خلقت؟ فقالوا: ربنا هل من خلقك شيء أشد من هذا؟ قال: نعم، الحديد، فذكر النار ثم الماء ثم الريح ثم الرجل ثم المرأة. "الدر المنثور" ٤/ ٢١١ - ٢١٢.
وروي الترمذي في آخر كتاب التفسير، باب (٣٣٦٩) عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعًا قال: لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فعاد بها عليها فاستقرت فعجبت الملائكة من شدة الجبال قالوا يا ربك هل من خلقك شيء أشد من الجبال؟ قال: نعم، الحديد... فهل في خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله، ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(١) أسند الطبري هذا الأثر إلى علي - رضي الله عنه - نحوه بدون كلمة: مالت، وفيه: ويجعلون على الخبث (مكان قولها): ويلقون على الجيف النتن، وفي آخره: فكان قرارها كاللحم يترجرج. في "جامع البيان" ١٤/ ٩٠.
(٢) أسند الطبري إلى الكلبي بأنها (الجبال) "جامع البيان" ١٤/ ٩٢، وذكره البغوي عن القرظي والكلبي في "معالم التنزيل" ٥/ ١٣.


الصفحة التالية
Icon