وقال مخلد بن الحسين (١): سمعت بعض أصحاب أنس رضي الله عنه قال: يقول أولهم دخولًا: إنما أدخلني الله تعالى أولهم لأنه ليس أحد أفضل مني. ويقول آخرهم دخولًا: إنما أخرني الله عَزَّ وَجَلَّ لأنه ليس أحد أعطاه الله مثل ما أعطاني (٢).
١٠٩ - قوله عَزَّ وَجَلَّ ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي﴾.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: قالت اليهود: يَا محمَّد، تزعم أنا قد أوتينا الحكمة وفي كتابك ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ (٣) ثم تقول ﴿وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (٤) فكيف يكون هذا؟ فأنزل الله تعالى: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ﴾ أي ماؤه ﴿قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي﴾ وحكمه وعجائبه (٥).
وقرأ أهل الكوفة (إلَّا عاصمًا) (٦) (ينفد) بالياء (٧) لتقدم الفعل، ﴿وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ عونًا وزيادة، وفي مصحف أُبَيّ رضي الله عنه

(١) في (ب): محمَّد بن الحسن.
(٢) رواه عنه الطبري في "جامع البيان" ١٦/ ٣٨.
(٣) البقرة: ٢٦٩.
(٤) الإسراء: ٨٥.
(٥) "أسباب النزول" للواحدي (ص ٣٠٧)، "الوسيط" له ٣/ ١٧١، "لباب التأويل" للخازن ٣/ ١٨٠، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١١/ ٩٦.
(٦) ساقطة من الأصل.
(٧) هي قراءة حمزة والكسائي، انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص ٤٠٢)، "التيسير" للداني (ص ١١٩) "التذكرة" لابن غلبون ٢/ ٤٢١.


الصفحة التالية
Icon