ثم ضرب لأعمال الكافرين مثلًا.
٣٩ - فقال عز من قائل: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ﴾
وهو الشعاع الذي نراه نصف النهار في البراري عند شدة الحر كأنه ماء فإذا قرب منه الإنسان نفش فلم يره شيئًا.
وسمي سرابًا لأنه يتسرب أي يجري كالماء (١).
﴿بِقِيعَةٍ﴾ وهي جمع القاع مثل جار وجيرة، والقاع: هو المنبسط الواسع من الأرض، وفيه يكون السراب (٢) ﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ﴾ يظنه العطشان ﴿مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ﴾ يعني: جاء ما قدره أنه ماء. ﴿لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ يعني: لم يجده على ما قدر، وقيل: معناه: جاء موضع السراب. فاكتفى بذكر السراب من موضعه (٣).

(١) قال ابن فارس: السين والراء والباء أصل مطرد وهو يدل على الاتساع والذهاب في الأرض. انظر: "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس ٣/ ١٥٥، "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٦٦، "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٥٤١، "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (٤٠٥)، "لسان العرب" لابن منظور ١/ ٤٦٥.
(٢) قاله الفراء، والطبري في "جامع البيان" وغيرهما، وقال أبو عبيدة وغيره القيعة بمعنى القاع.
انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٥٤، "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٥٤٠، "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٧، "جامع البيان" للطبري ١٨/ ١٤٨.
(٣) وهذا الوجهان ذكرهما الطبري في "جامع البيان" ونقلهما عنه المصنف هنا.
وذلك أن الضمير في (جاءه) يدل على شيء موجود واقع عليه المجيء، وقوله ﴿لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا﴾ على عدم وجود شيء يقع عليه المجيء في (جاءه). والأول هو أولى الوجهين. انظر: "جامع البيان" للطبري ١٨/ ١٤٨ - ١٤٩، "أضواء البيان" للشنقيطي ٦/ ٢٤٣.


الصفحة التالية
Icon