فيرون المرأة فيدنون منها فيغمزونها، فإن سكتت اتبعوها، وإن زجرتهم انتهوا عنها، ولم يكونوا يطلبون إلا الأمة، ولكن لم يكن يومئذ تعرف الحرة من الأمة لأن زيهن كان واحدًا، إنما يخرجن في درع واحد وخمار الحرة والأمة، فشكون ذلك إلى أزواجهن، فذكروا ذلك لرسول الله - ﷺ - فأنزل الله -عز وجل- ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ الآية.
ثم نهى الحرائر أن تتشبهن بالإماء فقال عز من قائل:
٥٩ - ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ﴾ (١)
يريخين أرديتهن وملاحفهن فيتقنعن بها، ويغطين وجوههن ورؤوسهن ليعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن ولا يؤذين، فذلك قوله -عز وجل- ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا﴾ لما سلف منهن من ترك الستر ﴿رَحِيمًا﴾ بهن إذ أسترهن وصانهن.
وقيل: إنه القناع. وهذِه مسألة لا يتسع المقام لذكرها هاهنا، وهي مبسوطة في بعض الكتب، وللمزيد انظر: "عودة الحجاب"، لمحمد إسماعيل المقدم. "أضواء البيان" للشنقيطي عند تفسير هذِه الآية. "رسالة الحجاب" لابن عثيمين. "التبرج والسفور" لابن باز.