يتخذ الدروع -وإنه أول من اتخذها- فيقال (١) إنه كان يبيع كل درع بأربعة آلاف، فيأكل ويطعم عياله منها، ويتصدق منها على الفقراء والمساكين (٢).
ويقال: إنما لأن الحديد في يده لما أُعطي من القوة.
١١ - قوله تعالى: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ دروعاً (٣) كوامل واسعات.
﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ أي: لا تجعل المسامير دقاقاً فتفلق، ولا غلاظاً فيكسر الحلق، فكان يفعل ذلك، وهو أول من اتخذ الدروع، وكانت قبل ذلك صفائح (٤). والسرد صنعة الدرع، ومنه قيل لصانعه: السرَّاد

(١) في (م): فيقال له.
(٢) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" ١٧/ ٩١ في ترجمة داود -عليه السلام-، من طريق إسحاق بن بشر، وفيه كلام. وانظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١١/ ٢٦٣.
(٣) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ٦٧ عن قتادة، وعن ابن زيد.
وهذا كقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ﴾ [الأنبياء: ٨٠] الضمير في قوله ﴿عَلَّمْنَاهُ﴾ راجع إلى داود، والمراد بصنعة اللبوس: صنعة الدروع ونسجها. والدليل على أن المراد باللبوس في الآية الدروع: أنَّه أتبعه بقوله ﴿لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ﴾ أي لتحرز وتقي بعضكم من بأس بعض، لأنَّ الدرع تقيه ضرر الضرب بالسيف، والرمي بالرمح والسهم، كما هو معروف. وقد أوضح هذا المعنى بقوله: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (١٠) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ فقوله ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ أي: أن اصنع دروعاً سابغات من الحديد الذي ألناه لك. والسرد: نسج الدرع. ويقال فيه الزرد.
(٤) رواه الطبري في "جامع البيان" ٢٢/ ٦٧ - ٦٨، عن قتادة، وابن زيد، وابن عباس، ومجاهد، والحكم.


الصفحة التالية
Icon