فإن ابن عباس قال (١): هو أن القادة: إذا دخلوا النار ثم دخل بعدهم الأتباع قالت الخزنة للقادة: (هذا) يعني الأتباع (فوج) جماعة (مقتحم معكم) النار، أي: داخلوها كما دخلتم، فقالت السادة: ﴿لَا مَرْحَبًا بِهِمْ﴾ يعني الأتباع ﴿إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ﴾ كما صليناها.
٦٠ - ﴿قَالُوا﴾ فقال الأتباع للسادة: ﴿بَلْ أَنْتُمْ﴾) (٢)
﴿لَا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا﴾ أي: شرعتم وسننتم الكفر لنا ﴿فَبِئْسَ الْقَرَار﴾ قرارنا وقراركم، والمرحب والرحب: السعة، ومنه رحبة المسجد (٣)، قال أبو عبيدة: تقول العرب للرجل: لا مرحبًا به، أي: لا رحبت عليه الأرض، أي: لا اتسعت (٤).
وقال القتيبي: معنى قولهم مرحبًا وأهلًا وسهلًا، أي: أتيت رحبًا وسعةً وأتيت سهلًا لا حزنًا، وأتيت أهلًا لا حزنًا فآنِس ولا تستوحش، وهي في مذهب الدعاء كما تقول لقيتَ خيرًا، فلذلك نصب (٥).
قال النابغة (٦):

لا مرحبًا بغدٍ ولا أهلًا به إن كان تفريق الأحبة في غدٍ
(١) انظر: قول ابن عباس في "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٥/ ٢٢٣.
(٢) ما بين القوسين سقط من (م) والاستدراك من (أ)، (ب).
(٣) انظر: "مفردات ألفاظ القرآن" للراغب الأصفهاني (ص ٣٤٦) (رحب).
(٤) انظر: "مجاز القرآن" ٢/ ١٨٦.
(٥) انظر: "لسان العرب" لابن منظور ١/ ٤١٤ (رحب).
(٦) زياد بن معاوية بن ضباب بن ذبيان، المعروف بالنابعة الذبياني.


الصفحة التالية
Icon