٢٩ - ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾ الذين يتشبهون بهم.
﴿أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ المعنى فعل الله ذلك بكم كما فعل من آمن من أهل الكتاب بأن يعملوا و (لا) صلة زائدة مؤكدة (١)، وقيل: آنقطع الكلام عند قوله: ﴿وَرَحْمَةً﴾ وثم ابتدأ فقال: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾، وذلك أنَّهم تركوا الحق وأكلوا لحم الخنزير وشربوا الخمر، ولم يتوضؤوا ولم يغتسلوا من جنابة وتركوا الختان ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ يعني: الملة والطاعة، كناية عن غير مذكور. ﴿فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ﴾ يعني: أهل الرأفة والرحمة ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ يعني: أهل الرهبانية والبدعة، قاله مجاهد (٢).
ومعنى قوله: ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾ على هذا التأويل ما كتبنا عليهم إلاَّ ابتغاء رضوان الله وما أمرناهم إلا بذلك وما أمرناهم بالترهب، أو يكون وجه الابتغاء بزعمهم، وعند ربهم والله أعلم.
وقال أبو أمامة: معناه: لم نكتبها عليهم البتة، ولكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله. وقاله أكثر العلماء (٣).

(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ١٣٧، "معاني القرآن" للزجاج ٥/ ١٣١، "الوسيط" للواحدي ٤/ ٢٥٧، "زاد المسير" لابن الجوزي ٨/ ١٧٩، "النكت والعيون" للماوردي ٥/ ٤٨٦، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٧/ ٢٦٧، ونسباه للأخفش.
(٢) انظر نصه في: "معالم التنزيل" للبغوي ٨/ ٤٤، ونحوه في "المحرر الوجيز" لابن عطية ٥/ ٢٧١.
(٣) أخرجه الطبري في "جامع البيان" ٢٧/ ٢٤٠ بنحوه عنه، =


الصفحة التالية
Icon