تَفسْير سُوَرة الفَاتِحَة
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧)﴾ آمين.
لا يخفى على أحد ممن له أدنى إلمام بعلم العربية، أن "الباء" من ﴿بسم﴾ حرف جر، متعلقة بمحذوف، وأن الكلام على البسملة امتلأت به بطون المؤلفات، فلا نشتغل بنقله، لكننا نقول: قدر علماء البلاغة هذا المحذوف متأخرًا، وهو مما يعول عليه، ويناسب ما لأجله كان نزول القرآن، لأنه نزل لدحض حجج المخالفين، وإبطال عبادة ما سوى الله تعالى، وكان المشركون يبتدئون في جميع أفعالهم باسم آلهتهم، فيقولون حينما يشرعون في أمر: باسم اللات، وباسم العزى، وكان كل عابدِ شيء مما سوى الله تعالى، يبتدئ باسم إلهه الذي يعبده بزعمه، وكان التقديم منهم لمجرد الاهتمام الناشئ من قصد التبرك والتعظيم.
ولم يكن قصدهم به الاختصاص، لأنهم لم يكونوا ينفون التبرك به تعالي، لأنهم كانوا يقرون به بدليل: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان: ٢٥].
وأخبر تعالى عنهم بأنهم يقولون عن أصنامهم:
﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣].
بل كانوا يتبركون به أيضًا، فأرشد سبحانه وتعالى بالبسملة الموحَّدَة، إلى أنَّه يجب عليه أن يقصد بعبارته قطع شركة الأصنام، بل قطع شركة كل ما سوى الله