(١) - اخْتَلَفَ المُفْسِّرُونَ حَوْلَ المَقْصُودِ بِالتِّين وَالزِّيْتُونِ فِي هَذِهِ الآيَةِ:
فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُمَا التِّينُ وَالزَّيْتُونَ الثَّمَرَانِ المَعْرُوفَانِ، فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ بَعْضَ الثَّمَارِ كَالعِنَبِ وَالنَّخْلِ وَالفَاكِهَةِ وَالطَّلْحِ وَالسِّدْرِ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ التِّينَ إِشَارَةٌ إِلَى عَهْدِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَمَا كَانَ الإِنْسَانُ يَسْتُرُ نَفْسَهُ بِوَرَقِ التِّينِ (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ).
أَمَّا الزَّيْتُونُ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلى عَهْدِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَبَعْدَ أَنِ انْتَهَى الطُّوفَانُ أَرْسَلَ نُوحٌ طَيراً فَعَادَ إِلَيهِ يَحْمِلُ وَرَقَةَ زَيْتُونٍ، فَعَلِمَ أَنَّ الطُّوفَانَ قَدِ انْتَهَى، وَأَنَّ الأَرْضَ عَادَتْ تُنْبِتُ.
- وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ التِّينَ وَالزَّيْتُونَ إِشَارَةٌ إِلَى القُدْسِ وَهِيَ مَبْعَثُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، لأَنَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ أَشَارَ إِلَى طُورِ سِينَاءَ وَمَكَّةَ. وَطُورُ سِينَاءَ هِيَ المَكَانُ الذِي كَلَّمَ اللهُ فِيهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَعَهِدَ إِلَيْهِ بِأَنْ يَذْهَبَ إِلى فِرْعَوْنَ، وَإِنَّ مَكَّةَ مَبْعَثُ مُحَمَّدٍ ﷺ، فَيَكُونُ تَعَالَى قَدْ أَقْسَمَ بِثَلاَثَةِ مَوَاقِعَ مُشَرَّفَةٍ بِبَعْثِهِ فِيهَا ثَلاَثَةِ مِنَ الرُّسُلِ الكِرَامِ أُوِلِي العَزْمِ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ التِّينُ والزَّيْتُونُ إِشَارَةً إِلَى أَمَاكِنَ وَذِكْرَيَاتٍ ذَاتِ عِلاَقَةٍ بِالدِّينِ وَالإِيْمَانِ، أَوْ ذَاتِ عِلاَقَةٍ بِنَشْأَةِ الإِنْسَانِ.