هذا وقد اقتضى الحديث عن طرفي النهار في النسق الكريم وعن طرائق التعبير عنهما وسر تنوعها، أن تأتي تلك الدراسة في ثلاثة مباحث تناول أولها مدلولات هذه الألفاظ وأسباب تنوعها وتخصيصها بالذكر دون سائر الأوقات الأخرى، وجاء ثانيها متحدثاً عما خُص به هذان الوقتان من أمر التسبيح وما إذا كان المعنى فيه محمولاً على ظاهره المعروف في اصطلاح التخاطب من التنزيه ومن قول (سبحان الله) أم غير ذلك من معانيه المستعمل فيها على جهة المجاز، كما تطرق المبحث الثالث للحديث عن المقامات التي ورد فيها التعبير عن طرفي النهار وكيف جاء كلٌّ منها متناغماً مع ما ناسبه من هذه المتقابلات، ومع ما تلاءم وكان منه بسبب من تعريف أو تنكير ومن تقديم أو تأخير.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
المبحث الأول:
مدلولات الألفاظ الواردة في معنى طرفي النهاروسر تنوعها وتخصيصها بالذكر
مما تجدر الإشارة إليه أنه لا غناء عند تناول أيٍّ من الموضوعات التي تتنوع طرق الحديث عنه، من الوقوف أولاً على معاني المفردات المعبرة عنه، وبخاصة عندما يتم التقابل بين بعضها البعض، إذ بغير الوقوف على دلالة هذه المتقابلات، بل وعلى دلالة كلِّ مفردة مما احتوته واشتملت عليه لا يتسنى بحال استكناه ما بسياقاتها، ولا بحث ما بأسرار تنوعها وبلاغة مواقعها.
والحق أن المفردات التي عُبر بها عن طرفي النهار وقوبلت بأضدادها تمثل في موضوعنا هذا لآلئ متقابلة، نُثرت حباتها المتطابقة في النسق الكريم هنا وهناك، في نظام بديع هو غاية في الدقة والإحكام.
تحرير القول في معنى ما ورد في طرفي النهار:


الصفحة التالية
Icon