أما قوله تعالى في أخر آيتين من السورة: ﴿وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ((١)) فإنها من الآيات التي تلخص سُوْرَة الْقَصَصِ كلها، وتوجه المعاني فها نحو الدلالة العامة على التواصل بين الرسالتين، رسالة موسى (- عليه السلام -) ورسالة مُحَمَّد (- ﷺ -)، وبذلك كله يستقيم لنا الغرض الذي قدمناه من قبل من كون سُوْرَة الْقَصَصِ تحمل صدق رسالة مُحَمَّد (- ﷺ -)، ومن كونها تخالف التوراة المحرفة في تحريفها العام، ومن كونها تربط ربطاً متسلسلاً متواصلاً بين الرسالتين، وتدل على أن منبعهما واحد.
...
الفصل الثامن: دراسة مقارنة بين هيمنة فرعون وأمريكا وسقوط دولتها وانتصار الإسلام من خلال سُوْرَة الْقَصَصِ في دلالاتها السياسية الحديثة
تمهيد
تعدّ القراءة المعاصرة لأي سورة قرآنية في حدود الرأي المأثور باستقراء كوامن النص وبواطنه المعنوية التي تعطي للنص القرآني آفاقا جديدة، عملية مهمة جداً في التفسير القرآني والتأويل الكتابي، وقد حاولت في هذا الفصل من هذه الرسالة أن أقارن بين فرعون وقومه وقارون وأمواله، وبين أمريكا وقومها واليهود وأموالهم، وذلك لوجه الشبه الكبير بين الماضي والحاضر، وصولاً إلى استشراف آفاق المستقبل الإسلامي، فقد تأثر المسلمون اليوم بالهيمنة الأمريكية، كما تأثر قوم موسى ـ عليه السلام ـ من المؤمنين بالهيمنة الفرعونية وهو ما سنلاحظه في هذا الفصل (المقارن) ولأنه عبارة عن فكرة جديدة.
وعسى أن لا نكون في ذلك ممن يقول في القرآن الكريم برأيه، فما هي إلا محاولة لخدمة النص القرآني وتجدده الزماني ـ والمكاني.

(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٨.


الصفحة التالية
Icon