سورة الحشر
مدنية في قول الجميع، وهي أربع مائة وخمس واربعون كلمة وألف وتسعمائة وثلاثة عشر حرفا.
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٥٦١
قوله تعالى :﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ تقدم نظيره.
قوله تعالى :﴿هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾.
قال سعيد بن جبير : قلت لابن عباس : سورة الحشر ؟ قال : قل : سورة النَّضير، وهم رهط من اليهود من ذرية هارون - صلوات الله وسلامه عليه - نزلوا بـ " المدينة " في فتن بني إسرائيل انتظاراً لمحمدٍ ﷺ فكان من أمرهم ما نصّ عليه.
قوله :﴿مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾.
يجوز أن تكون " من " للبيان، فتتعلق بمحذوف، أي : أعني من أهل الكتاب.
والثاني : أنها حال من " الَّذين كفروا ".
وقوله تعالى :﴿مِن دِيَارِهِمْ﴾ متعلق بـ " أخرج "، ومعناها : ابتداء الغاية، وصحت إضافة الديار إليهم ؛ لأنهم أنشئوها.
٥٦٢
قوله :﴿لأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾.
هذه اللاَّم متعلقة بـ " أخرج " وهي لام التوقيت، كقوله تعالى :﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء : ٧٨] أي : عند أول الحشر.
وقال الزمخشري : وهي كاللام في قوله تعالى :﴿يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر : ٢٤]، وقوله :" جئت لوقت كذا " وسيأتي الكلام على هذه " اللام " في سورة " الفجر " إن شاء الله تعالى.
فصل في الكلام على الحشر قال القرطبي :" الحشر " : الجمع، وهو على أربعة أضرب : حشران في الدنيا وحشران في الآخرة.
أما اللذان في الدنيا فقوله تعالى :﴿هُوَ الَّذِى أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾.
قال الزهري : كانوا من سِبْطٍ لم يصبهم جلاء، وكان الله - عز وجل - قد كتب عليهم الجلاء، فلولا ذلك لعذّبهم في الدنيا، وكان أول حشر حشروا في الدنيا إلى " الشام ".
قال ابن عباس وعكرمة :" من شك أن المحشر في " الشام " فليقرأ هذه الآية.
وأن النبي ﷺ قال لهم :" اخْرُجُوا " قالوا : إلى أين ؟ قال :" إلى أرْضِ المَحْشَرِ ".
قال قتادة رضي الله عنه : هذا أول المحشر.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : هم أول من حشر من أهل الكتاب، وأخرج من دياره.
وقيل : إنهم أخرجوا إلى " خيبر "، وإن معنى " لأول الحشر " : إخراجهم من حصونهم إلى " خيبر "، وآخرهم بإخراج عمر إياهم من " خيبر " إلى " نجد " و " أذرعات ".
وقيل :" تيماء " و " أريحاء "، وذلك بفكرهم ونقض عهدهم.
٥٦٣
وأما الحشر الثاني : فحشرهم قرب القيامة.
قال قتادة : تأتي نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيلُ معهم حيث قالوا، وتأكل من تخلف منهم، وهذا ثابت في الصحيح.
وذكروا أن تلك النَّار ترى بالليل، ولا ترى بالنهار.
قال ابن العربي : للحشر أول ووسط، وآخر.
فالأول : إجلاء بن النَّضير.
والأوسط : إجلاء خيبر.
والآخر : حَشْر يوم القيامة.
وعن الحسن : هم بنو قريظة، وخالفه بقية المفسرين، وقالوا : بنو قريظة ما حشروا، ولكنهم قتلوا حكاه الثعلبي.
فصل في نسخ مصالحة أهل الحرب على الجلاء من ديارهم قال إلكيا الطَّبري : ومُصالحة أهل الحرب على الجلاء من ديارهم من غير شيء لا يجوز الآن، وإنما كان ذلك في دار الإسلام ثم نُسِخَ، والآن فلا بد من قتالهم، أو سبيهم، أو ضرب الجزية عليهم.
قوله تعالى :﴿مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ﴾ أي : لعظم أمر اليهود لعنهم الله ومنعتهم وقوتهم في صدور المسلمين واجتماع كلمتهم.
وقوله تعالى :﴿وَظَنُّوا ااْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ﴾.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : إن المسلمين ظنوا أنهم لعزّتهم وقوّتهم لا يحتاجون إلى أن يخرجوا من ديارهم.
قيل : المراد بالحصون : الوطيح والنَّطاة والسُّلالم والكتيبة.
قوله :﴿مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم﴾.
فيه وجهان : أحدهما : أن تكون " حُصُونهم " مبتدأ، و " مَانِعتهم " خبر مقدم، والجملة خبر " أنهم ".
لا يقال : لم لا يقال :" مَانعَتُهُم " مبتدأ، لأنه معرفة، و " حصونهم " خبره، ولا حاجة إلى تقديم ولا تأخير ؟ لأن القصد الإخبار عن الحُصُون، ولأن الإضافة غير محضة فهي نكرة.
٥٦٤


الصفحة التالية
Icon