سورة الجمعة
[مدنية] وهي إحدى عشرة آية، ومائة وثمانون كلمة، وسبعمائة وعشرون حرفا.
روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال :"خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة".
وعنه قال : قال ﷺ :"نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هانا الله له، قال : يوم الجمعة، فاليوم لنا، وغدا لليهود وبعد غد للنصارى".
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٦٣
قوله تعالى :﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ﴾ تقدم الكلام فيه.
وقوله :﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
وجه تعلق هذه السورة بما قبلها، هو أنه تعالى قال في أول تلك السورة :" سبَّحَ للَّهِ " بلفظ الماضي وذلك لا يدل على التسبيح في المستقبل، فقال في أول هذه السورة بلفظ [المستقبل] ليدل على التسبيح في الزمن الحاضر والمستقبل.
٦٨
وأما تعلق الأول بالآخر، فلأنه تعالى ذكر في آخر تلك السورة أنه كان يؤيد أهل الإيمان حتى صاروا غالبين على الكُفَّار وذلك على وفق الحكمة لا للحاجة إليه إذ هو غني على الإطلاق ومنزه عما يخطر ببال الجهلة، وفي أول هذه السورة ذكر على ما يدل على كونه مقدساً، ومنزّهاً عما لا يليق بحضرته العليَّة ثم إذا كان خلق السماوات والأرض بأجمعهم في تسبيح حضرة الله تعالى فله الملك، ولا ملك أعظم من هذا على الإطلاق، ولما كان الملك كله له تعالى فهو الملك على الإطلاق، ولما كان الكل خلقه فهو المالك على الإطلاق.
قوله :﴿الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ﴾.
قرأ العامة : بجر " الملكِ " وما بعده نعتاً لله، والبدل ضعيف لاشتقاقهما.
وقرأ أبو وائل وسلمة بن محارب ورؤبة بالرفع على إضمار مبتدأ مقتضٍ للمدح.
وقال الزمخشري :" ولو قرىء بالنصب على حدّ قولهم :" الحمد لله أهل الحمد، لكان وجهاً ".
قورأ زيد بن علي :" القَدُّوس " بفتح القاف، وقد تقدم ذلك.
و " يُسَبِّحُ " من جملة ما يجري فيه اللفظان، كـ " شكره وشكر له ونصحه ونصح له وسبح وسبح له ".
فإن قيل :" الحَكِيمُ " يطلق أيضاً على الغير كما يقال في لقمان : إنه حكيم.
فالجواب : أن الحكيم عند أهل التحقيق هو الذي يضع الأشياء مواضعها، والله تعالى حكيم بهذا المعنى.
قوله :﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ﴾.
تقدم الكلام في " الأميّ والأميين " جمعه.
و " يَتْلُو " وما بعده صفة لـ " رسول " صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عبّاس - رضي الله عنهما - :" الأميوّن " العرب كلهم من كتب منهم ومن لم يكتب ؛ لأنهم لم يكونوا أهل كتاب.
وقيل : الأميّون الذي لا يكتبون، وكذلك كانت قريش.
وروى منصور عن إبراهيم قال :" الأمّي " الذي لا يقرأ ولا يكتب.
٦٩
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - الأميون الذين ليس لهم كتاب ولا نبي بعث فيهم، وقيل : الأميون الذي هم على ما خلقوا عليه.
وقرىء :" الأمين " بحذف ياء النَّسب.
قوله :﴿رَسُولاً مِنْهُمْ﴾.
يعني محمداً ﷺ وما من حيّ من العرب إلا ولرسول الله ﷺ فيهم قرابة وقد ولدوه.
وقال ابن إسحاق : إلا بني تغلب، فإن الله طهَّر نبيه ﷺ منهم لنصرانتيهم، فلم يجعل لهم عليه ولادة، وكان أميّاً لم يقرأ من كتاب ولم يتعلّم صلى الله عليه وسلم.
قال الماورديُّ : فإن قيل : فما وجه الامتنان بأن بعث اللَّهُ نبيّاً أميّاً ؟.
فالجواب من ثلاثة أوجه : أحدها : لموافقته ما تقدم من بشارة الأنبياء.
الثاني : لمشاكلة حاله لأحوالهم فيكون أقرب لموافقتهم.
الثالث : لينفي عنه سوء الظن في تعليمه ما دعى إليه من الكتب التي قرأها والحكم التي تلاها.
قال القرطبي :" وهذا كله دليل معجزته وصدق نبوته ".
قوله :﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ﴾ يعني القرآن " ويُزكِّيهم " أي : يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان.
قاله ابن عباس.
وقيل : يطهرهم من دنس الكفر والذنوب.
قاله ابن جريج ومقاتل.
وقال السديُّ : يأخذ زكاة أموالهم، " ويُعَلِّمُهُم الكِتابَ " يعني : القرآن، " والحكمة " يعني السُّنة.
قاله الحسن.
وقال ابن عباس :" الكتاب " الخط بالقلم، لأن الخط إنما نشأ في العرب بالشَّرع لما أمروا بتقييده بالخط.
وقال مالك بن أنسٍ :" الحكمة " الفقه في الدين.
وقد تقدم في البقرة.
٧٠


الصفحة التالية
Icon