سورة النحل
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿أتى أمرُ الله﴾ أي : البعث والحساب. وعبّر بالماضي ؛ لتحقق وقوعه، أو : ثبت أمره وقضاؤه، وقد جفّ القلم بما يكون لا عن سؤال واستعجال، وتدبير من الخلق، ولو كان كذلك لنافى انفراده بتدبير ملكه، ولذلك نزّه نفسه بقوله :﴿سبحانه وتعالى عما يشركون﴾. أو : إهلاك الله إياهم يوم بدر، وكانوا يستعجلون ما أوعدهم الرسول من قيام الساعة، وإهلاكهم ونصره عليهم، استهزاء وتكذيباً ؛ ولذلك قال :﴿فلا تستعجلوه﴾، والمعنى : أن الأمر الموعود به بمنزلة الماضي، لتحقّق وقوعه من حيث إنه واجب الوقوع ؛ فلا تستعجلوا وقوعه، فإنه لا خير لكم فيه، ولا خلاص لكم منه.
ورُوِيَ لمّا نزل قوله :﴿أتى أمر الله﴾، وثب رسولُ الله ﷺ قائماً، ورفع الناس رؤوسهم، فلما قال :﴿فلا تستعجلوه﴾، سكن. وكان المشركون يقولون : إن صح ما يقول محمد من قيام الساعة، فالأصنام تشفع لنا وتخلصنا، فقال تعالى :﴿سبحانه وتعالى عما يشركون﴾ أي : تنزه وجلَّ عن أن يكون له شريك، فيدفع ما أراد بهم. هـ.
وقرأ الأخوان بالخطاب، على وفق قوله :﴿فلا تستعجلوه﴾، والباقون بالغيب، على تلوين الخطاب، أو على أن الخطاب للمؤمنين، أي : أتى أمر الله أيها المؤمنون فلا تستعجلوه، سبحانه وتعالى عما يشركه به المشركون. أو : لهم ولغيرهم. والله تعالى أعلم.