سورة الطور
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢١٨
يقول الحق جلّ جلاله :﴿والطورِ﴾ هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى بمَدين، ﴿وكتابٍ مسطور﴾ وهو القرآن العظيم، ونكّر لأنه كتاب مخصوص من بين سائر الكتب، أو : اللوح المحفوظ، أو : التوراة، كتبه الله لموسى، وهو يسمع صرير القلم، ﴿في رَقٍّ منشور﴾ الرَق : الجلد الذي يُكتب فيه، والمراد : الصحيفة، وتنكيره للتخفيم والإشعار بأنها ليست مما يتعارفه الناس، والمنشور : المفتوح لا ختم عليه، أو : الظاهر للناس، ﴿والبيت المعمور﴾ وهو بيت في السماء السابعة، حِيَال الكعبة، ويقال له : الضُراح، وعُمرانه بكثرة زواره من الملائكة، رُوي : أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، يطوفون به، ويخرجون، ومَن دخله لا يعود إليه أبداً، وخازنه ملَك يُقال له :" رَزين ". وقيل الكعبة، وعمارته بالحجاج والعُمَّار والمجاورين.
﴿والسقفِ المرفوع﴾ أي : السماء، أو : العرش، ﴿والبحر المسجُورٍ﴾ أي : المملوء، وهو البحر المحيط، أو الموقد، من قوله تعالى :﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سًجِّرَت﴾ [التكوير : ٦] والمراد الجنس، رُوي " أن الله تعالى يجعل البحار يوم القيامة ناراً، تسجر بها نار جهنم، كما يسجر التنوير بالحطب " وعن ابن عباس : المسجور : المحبوس، أي : المُلْجَم بالقدرة. والواو الأولى للقسم، والتوالي للعطف، والمقسم عليه :﴿إِنَّ عذاب ربك لواقعٌ﴾ لنازل حتماً، ﴿ما له من دافع﴾ أي : لا يمنعه مانع، والجملة : صفة لواقع، أي : وقع غير مدفوع. و " من " مزيدة للتأكيد، وتخصيص هذه الأمور بالإقسام بها ؛ لأنها
٢١٩
أمور عظام، تُنبئ عن عِظم قدرة الله تعالى، وكمال علمه، وحكمته الدالة على إحاطته تعالى بتفاصيل أعمال العباد، وضطبها، الشاهدة بصدق أخباره، التي من جملتها : الجملة المُقسَم عليها.