سورة المسد
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٦٦
يقول الحق جلّ جلاله :﴿تَبَّتْ﴾، أي : هلكت ﴿يَدَا أبي لهبٍ﴾ هو عبد العزى بن عبد المطلب، عم رسولِ الله ﷺ، وإيثار لفظ التباب على الهلاك، وإسناده إلى يديه، لِما رُوي أنه لمّا نزل :﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ(٢١٤)﴾ [الشعراء : ٢١٤] رقى رسولُ الله ﷺ الصفا، وقال :" يا صباحاه " فاجتمع إليه الناسُ من كل أوب، فقال :" يابني عبد المطلب! يابني فهر! أرأيتم إن أخبرتكم أنَّ بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مصدقي ؟ " قالوا نعم، قال :" فإني نذير لكم بين يديْ عذابٍ شديدٍ " فقال أبو لهب : تبًّا لك سائر اليوم، ما دعوتنا إلاّ لهذا ؟ وأخذ حجراً ليرميه به عليه الصلاة والسلام، فنزلت، أي : خسرت يدا أبي لهب ﴿وتَبَّ﴾ اي : وهلك كله، وقيل : المراد بالأول : هلاك جملته، كقوله :﴿بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ﴾ [الحج : ١٠]. ومعنى " وتَبَّ " : وكان ذلك وحصل، ويؤيده قراءة ابن مسعود " وقد تب ". وذكر كنيته للتعريض بكونه جهنميًّا، لاشتهاره بها، ولكراهة اسمه القبيح. وقرأ المكي بسكون الهاء، تخفيفاً.
﴿ما أَغْنَى عنه مالُه وما كَسَبَ﴾ أي : لم يُغن حين حلّ به التباب، على أنّ " ما " نافية، أو : أيّ شيء أغنى عنه، على أنها استفهامية في معنى الإنكار، منصوبة بما بعدها، أي : ما أغنى عنه أصل ماله وما كسب به من الأرباح والمنافع، أو : ما كسب من الوجاهة والأتباع، أو : ماله الموروث من أبيه والذي كسبه بنفسه، أو : ما كسب من عمله الخبيث، الذي هو كيده في عداوته عليه الصلاة والسلام، أو : عمله الذي ظنّ أنه منه على شيء،
٣٦٧