" صفحة رقم ٣٥٣ "
سورة الحديد
هذه السورة تسمى من عهد الصحابة ( سورة الحديد )، فقد وقع في حديث إسلام عمر بن الخطاب عند الطبراني والبزار أن عمر دخل على أخته قبل أن يسلم فإذا صحيفة فيها أولُ سورة الحديد فقرأه حتى بلغ ) آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فأسلم، وكذلك سُميت في المصاحف وفي كتب السنة، لوقوع لفظ الحديد فيها في قوله تعالى : وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ( ( الحديد : ٢٥ ).
وهذا اللفظ وإن ذُكر في سورة الكهف في قوله تعالى :( آتوني زبر الحديد وهي سابقة في النزول على سورة الحديد على المختار، فلم تسم به لأنها سميت باسم الكهف للاعتناء بقصة أهل الكهف، ولأن الحديد الذي ذكر هنا مراد به حديد السلاح من سيوف ودروع وخُوذ، تنويهاً به إذ هو أثر من آثار حكمة الله في خلق مادته وإلهام الناس صنعه لتحصل به منافع لتأييد الدين ودفاع المعتدين كما قال تعالى : فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ( ( الحديد : ٢٥ ).
وفي كون هذه السورة مدنية أو مكية اختلاف قوي لم يختلَف مثلَه في غيرها، فقال الجمهور : مدنية. وحَكى ابن عطية عن النقاش : أن ذلك إجماع المفسرين، وقد قيل : إن صدرها مكي لما رواه مسلم في ( صحيحه ) والنسائي وابنُ ماجه عن عبد الله بن مسعود أنه قال :( ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ) ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله إلى قوله : وكثير منهم فاسقون ( ( الحديد : ١٦ ) إلا أربع سنين. عبد الله بن مسعود من أول الناس إسلاماً، فتكون هذه الآية مكية.
وهذا يعارضه ما رواه ابن مردويه عن أنس وابننِ عباس : أن نزول هذه الآية بعد ثلاث عشرة سنة أو أربع عشرة سنة من ابتداء نزول القرآن، فيصار إلى