سورة الرحمن [عزّ وجلّ]
مقدمة السورة
مكية كلها في قول الحسن وعروة بن الزبير وعكرمة وعطاء وجابر. وقال ابن عباس : إلا آية منها هي قوله تعالى :﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ [الرحمن : ٢٩] الآية. وهي ست وسبعون آية. وقال ابن مسعود ومقاتل : هي مدنية كلها. والقول الأول أصح لما روى عروة بن الزبير قال : أول من جهر بالقرآن بمكة بعد النبي ﷺ ابن مسعود ؛ وذلك أن الصحابة قالوا : ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر به قط، فمن رجل يسمعهموه ؟ فقال ابن مسعود : أنا، فقالوا : إنا نخشى عليك، وإنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه، فأبى ثم قام عند المقام فقال :﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ [الرحمن : ٢] ثم تمادى رافعا بها صوته وقريش في أنديتها، فتأملوا وقالوا : ما يقول ابن أم عبد ؟ قالوا : هو يقول الذي يزعم محمد أنه أنزل عليه، ثم ضربوه حتى أثروا في وجهه. وصح أن النبي ﷺ قام يصلي الصبح بنخلة، فقرأ سورة ﴿الرَّحْمَنُ﴾ ومر النفر من الجن فأمنوا به. وفي الترمذي عن جابر قال : خرج رسول الله ﷺ على أصحابه فقرأ عليهم سورة ﴿الرَّحْمَنُ﴾ من أولها إلي آخرها فسكتوا، فقال :"لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم كنت كلما أتيت على قوله :﴿فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن : ١٣] قالوا لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد" قال : هذا حديث غريب. وفي هذا دليل على أنها مكية والله أعلم. وروي أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي ﷺ : اتل علي مما أنزل عليك، فقرأ عليه سورة ﴿الرَّحْمَنُ﴾ فقال : أعدها، فأعادها ثلاثا، فقال : والله إن له لطلاوة، وإن عليه لحلاوة، وأسفله لمغدق، وأعلاه مثمر، وما يقول هذا بشر، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. وروي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال :"لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن"