" صفحة رقم ٥٠٥ "
( سورة إبراهيم ـ عليه السلام ـ )
مكية، ( إلا آيتي ٢٨ و ٢٩ فمدنيتان )
وآياتها ٥٢ ( نزلت بعد سورة نوح )
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
) الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا عَلَى الاٌّ خِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَائِكَ فِى ضَلَالٍ بَعِيدٍ (إبراهيم :( ١ - ٣ ) الر كتاب أنزلناه.....
) كِتَابٌ ( هو كتاب، يعني السورة. وقرىء :( ليخرج الناس ). والظلمات والنور : استعارتان للضلال والهدى ) بِإِذْنِ رَبّهِمْ ( بتسهيله وتيسيره، مستعار من الإذن الذي هو تسهيل للحجاب، وذلك ما يمنحهم من اللطف والتوفيق ) إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ( بدل من قوله إلى النور بتكرير العامل، كقوله :) لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ ( ( الأعراف : ٧٥ ) ويجوز أن يكون على وجه الاستئناف، كأنه قيل : إلى أي نور ؟ فقيل : إلى صراط العزيز الحميد. وقوله :) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ( عطف بيان للعزيز الحميد ؛ لأنه جرى مجرى الأسماء الأعلام لغلبته واختصاصه بالمعبود الذي تحق له العبادة كما غلب النجم في الثريا. وقرىء بالرفع على :( هو الله ). الويل : نقيض الوأل، وهو النجاة اسم معنى، كالهلاك ؛ إلا أنه لا يشتق منه فعل، إنما يقال : ويلا له، فينصب نصب المصادر، ثم يرفع رفعها لإفادة معنى الثبات، فيقال : ويل له، كقوله سلام عليك. ولما ذكر الخارجين من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان توعد الكافرين بالويل. فإن قلت : ما وجه اتصال قوله :) مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ( بالويل ؟ قلت : لأنّ المعنى أنهم يولولون من عذاب شديد، ويضجون منه، ويقولون : يا ويلاه، كقوله :) دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً ( ( الفرقان : ١٣ ) ) الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ( مبتدأ خبره : أولئك في ضلال بعيد ويجوز أن يكون مجروراً صفة للكافرين، ومنصوباً على الذمّ. أو مرفوعاً على أعني الذين يستحبون أو هم الذين يستحبون، والاستحباب : الإيثار والاختيار، وهو استفعال من المحبة ؛ لأنّ المؤثر للشيء على غيره كأنه يطلب من نفسه أن يكون أحبّ إليها وأفضل عندها من الآخر. وقرأ الحسن ( ويصِدّون )، بضم الياء وكسر الصاد. يقال : صدّه عن كذا، وأصدّه، قال :