" صفحة رقم ٦٥٧ "
( سورة الكهف )
مكية ( إلا آية ٣٨ ومن آية ٨٣ إلى غاية آية ١٠١ فمدنية )
وآياتها ١١٠ ( نزلت بعد الغاشية )

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لأبَآئِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا (
الكهف :( ١ ) الحمد لله الذي.....
لقن الله عباده وفقههم كيف يثنون عليه ويحمدونه على أجزل نعمائه عليهم وهي نعمة الإسلام، وما أنزل على عبده محمد ( ﷺ ) من الكتاب الذي هو سبب نجاتهم وفوزهم ) وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا ( ولم يجعل له شيئاً من العوج قط، والعوج في المعاني كالعوج في الأعيان، والمراد نفي الاختلاف والتناقض عن معانيه، وخروج شيء منه من الحكمة والإصابة فيه. فإن قلت : بم انتصب ) قَيِّماً ( ؟ قلت : الأحسن أن ينتصب بمضمر ولا يجعل حالاً من الكتاب ؛ لأنّ قوله ) وَلَمْ يَجْعَل ( معطوف على أنزل، فهو داخل في حيز الصلة، فجاعله حالاً من الكتاب فاصل بين الحال وذي الحال ببعض الصلة، وتقديره : ولم يجعل له عوجا جعله قيماً ؛ لأنه إذا نفى عنه العوج فقد أثبت له الاستقامة. فإن قلت : ما فائدة الجمع بين نفي العوج وإثبات الاستقامة، وفي أحدهما غنى عن الآخر ؟ قلت : فائدته التأكيد، فرب مستقيم مشهود له بالاستقامة ولا يخلو من أدنى عوج عند السبر والتصفح. وقيل : قيما على سائر الكتب مصدقاً لها، شاهداً بصحتها. وقيل : قيما بمصالح العباد وما لا بدّ لهم منه من الشرائع وقرىء ( قيماً ) ( أنذر ) متعدّ إلى مفعولين، كقوله ) إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ كَمْ عَذَاباً قَرِيباً ( ( النبأ : ٤٠ ) فاقتصر على أحدهما، وأصله ) لّيُنذِرَ ( الذين كفروا ) بَأْسًا شَدِيدًا ( والبأس من قوله ) بِعَذَابٍ بَئِيسٍ ( ( الأعراف : ١٦٥ ) وقد بؤس العذاب وبؤس الرجل بأساً وبآسة ) مِن لَّدُنْهُ ( صادراً من عنده. وقرىء ( من لدنه ) بسكون الدال مع إشمام الضمة وكسر النون ) وَيُبَشّرُ ( بالتخفيف والتثقيل. فإن قلت : لم اقتصر على أحد مفعولى ينذر ؟ قلت : قد جعل المنذر به هو الغرض المسبوق إليه، فوجب الاقتصار عليه. والدليل عليه تكرير الإنذار في قوله ) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ( متعلقاً بالمنذرين من


الصفحة التالية
Icon