صفحة رقم ٥٥
بالأصفاد وهي القيود.
وقال ابن قتيبة : يقرن بعضهم إلى بعض ) سرابيلهم ( يعني قمصهم واحدها سربال وقيل السربال كل ما لبس ) من قطران ( القطران دهن يتحلب من شجر الأبهل والعرعر والتوت كالزفت تدهن به الإبل إذا جربت، وهو الهناء يقال هنأت البعير أهنؤه بالهناء وهو القطران قال الزجاج : وإنما جعل لهم القطران سرابيل لأنه يبالغ في اشتعال النار في الجلود ولو أراد الله المبالغة في إحراقهم بغير ذلك لقدر ولكنه حذرهم مما يعرفون وقرأ عكرمة، ويعقوب من قطران على كلمتين منونتين فالقطر النحاس المذاب والآن الذي انتهى حره ) وتغشى وجوههم النار ( يعني تعلوها وتجللها ) ليجزي الله كل نفس بما كسبت ( يعني من خير أو شر ) إن الله سريع الحساب ( يعني إذا حاسب عباده يوم القيامة ) هذا بلاغ للناس ( يعني هذا القرآن فيه تبليغ وموعظة للناس ) ولينذروا ( يعني وليخوفوا بالقرآن ومواعظه وزواجره ) وليعلموا أنما هو إله واحد ( يعني وليستدلوا بهذه الآيات على وحدانية الله تعالى ) وليذكر أولو الألباب ( يعني وليتعظ بهذا القرآن وما فيه من المواعظ، أولو العقول والأفهام الصحيحة، فإنه موعظة لمن اتعظ والله أعلم بمراده وأسرار كتابه.
سورة الحجر
تفسير سورة الحجر مكية باجماعهم وهي تسع وتسعون آية وستمائة وأربع وخمسون كلمة وألفان وسبعمائة وستون حرفاً.
بسم الله الرحمن الرحيم )
الحجر :( ١ - ٣ ) الر تلك آيات...
" الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون " ( قوله سبحانه وتعالى :( الرَ تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ( تلك إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والمراد بالكتاب وبالقرآن المبين : الكتاب الذي وعد به الله محمداً ( ﷺ )، وتنكير القرآن للتفخيم، والتعظيم والمعنى تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتاباً، وفي كونه قرآناً وأي قرآن كأنه قيل : الكتاب الجامع للكمال والغرابة في البيان وقيل : أراد بالكتاب التوراة والإنجيل، لأن عطف القرآن على الكتاب والمعطوف غير المعطوف عليه وهذا القول ليس بالقوي، لأنه لم يجر للتوراة والإنجيل ذكر حتى يشار إليهما.
وقيل : المراد بالكتاب القرآن وإنما جمعهما بوصفين، وإن كان الموصوف واحداً لما في ذلك من الفائدة وهي التفخيم والتعظيم، والمبين الذي يبين الحلال من الحرام، والحق من الباطل ) ربما ( قرىء بالتخفيف والتشديد وهما لغتان ورب للتقليل وكم للتكثير، وإنما زيدت ما مع رب ليليها الفعل تقول رب رجل جاءني وربما جاءني زيد وإن شئت جعلت ما بمنزلة شيء كأنك قلت رب شيء فتكون المعنى رب شيء ) يود الذين كفروا ( وقيل : ما في ربما بمعنى حين أي رب حين يود يعني يتمنى الذين كفروا لأن التمني هو : تشهي حصول ما يوده، واختلف المفسرون في الوقت الذي يتمنى الذي كفروا ) لو كانو مسلمين ( على قولين أحدهما : أن ذلك يكون عند معاينة العذاب وقت الموت فحيئنذ يعلم الكافر أنه كان على الضلال، فيتمنى لو كان مسلماً، وذلك حين لا ينفعه ذلك التمني.
قال