صفحة رقم ١٥٥
) ذلكم ( أي هذا الجزاء ) بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا ( يعني حين قلتم لا بعث ولا حساب ) فاليوم لا يخرجون منها ( أي من النار ) ولا هم يستعتبون ( أي لا يطلب منهم أن يرجعوا إلى طاعة الله والإيمان به لأنه لا يقبل ذلك اليوم عذر ولا توبة ) فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين ( معناه فاحمدوا الله الذي هو ربكم ورب كل شيء من السموات والأرض والعالمين فإن مثل الربوبية والعامة توجب الحمد والثناء على كل حال ) وله الكبرياء ( أي وكبروه فإن له الكبرياء والعظمة ) في السموات والأرض ( وحق لمثله أن يكبر ويعظم ) وهو العزيز الحكيم ( ( م ) عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا قال رسول الله ( ﷺ ) ( العز إزاره والكبرياء رداؤه ) قال الله تعالى :( فمن ينازعني عذبته ) لفظ مسلم وأخرجه البرقاني وأبو مسعود رضي الله عنهما يقول الله عز وجل :( العز إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني شيئاً منهما عذبته ) ولأبي داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( ﷺ ) قال الله تعالى :( الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد منهما قذفته في النار ).
( شرح غريب ألفاظ الحديث )
قيل هذا الكلام خرج على ما تعتاده العرب في بديع استعاراتهم وذلك أنهم يكنون عن الصفة اللازمة بالثياب يقولون شعار فلان الزهد ولباسه التقوى فضرب الله عز وجل الإزار والرداء مثلاً له في انفراده سبحانه وتعالى بصفة الكبرياء والعظمة، والمعنى أنهما ليسا كسائر الصفات التي يتصف بها بعض المخلوقين مجازاً كالرحمة والكرم وغيرهما وشبههما بالإزار والرداء لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان ولأنه لا يشاركه في إزاره وردائه أحد فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشاركه فيهما أحد لأنهما من صفاته اللازمة له المختصة به التي لا تليق بغيره والله أعلم.
سورة الأحقاف
( تفسير سورة الأحقاف مكية ) قيل غير قوله قل أرأيتم وقيل وقوله فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل فإنهما نزلتا بالمديثة وهي أربع وقيل خمس وثلاثون آية وستمائة وأربع وأربعون كلمة وألفان وخمسمائة وخمسة وتسعون حرفاً.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الأحقاف :( ١ - ٨ ) حم
" حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للحق لما جاءهم هذا سحر مبين أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم " ( قوله عز وجل :( حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق ( أي بالعدل ) وأجل مسمى ( يعني يوم القيامة وهو الأجل الذي ينتهي إليه فناء السموات والأرض ) والذين كفروا عما أنذروا ( أي خوفوا به في القرآن من البعث والحساب ) معرضون ( أي لا يؤمنون به ) قل أرأيتم ما تدعون من دون الله ( يعني الأصنام ) أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات ائتوني بكتاب من قبل هذا ( أي بكتاب جاءكم من الله قبل القرآن فيه بيان ما تقولون ) أو أثارة من علم ( أي بقية من علم يؤثر عن الأولين


الصفحة التالية
Icon