صفحة رقم ١٢٨
) من هو في ضلال مبين ( أي نحن أم أنتم وهذا تهديد لهم ثم ذكرهم ببعض نعمه عليهم على طريق الاحتجاج فقال تعالى :( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم ( قيل يريد ماء زمزم وقيل غيرها من المياه ) غوراً ( أي غائراً ذاهباً في الأرض لا تناله الأيدي ولا الدلاء ) فمن يأتيكم بماء معين ( أي ظاهر تراه العيون وتناله الأيدي والدلاء، وقال ابن عباس معين أي جار والمقصود من الآية أن يجعلهم مقرين ببعض نعمه عليهم ويريهم قبح ما هم عليه من الكفر والمعنى أخبروني إن صار ماؤكم ذاهباً في الأرض فمن يأتيكم بماء معين فلا بد أن يقولوا هو الله تعالى فيقال لهم حينئذ فلم تجعلون معه من لا يقدر على شيء أصلاً شريكاً له في العبودية فهذا محال، والله أعلم.
سورة القلم
تفسير سورة ن مكية وهي اثنان وخمسون آية وثلثمائة كلمة وألف ومائتان وستة وخمسون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
القلم :( ١ ) ن والقلم وما...
" ن والقلم وما يسطرون " ( قوله عز وجل :( ن ( قال ابن عباس هو الحوت الذي على ظهره الأرض وعنه ( إن أول ما خلق الله القلم فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره فتحرك النون فمادت الأرض فأثبتت الجبال فإن الجبال لتفخر على الأرض ثم قرأ ن والقلم وما يسطرون ) قيل اسم النون بهموت وقيل لوثيا وعن علي بلهوث.
قال أصحاب السير والأخبار : لما خلق الله الأرض وفتقها سبع أرضين بعث من تحت العرش ملكاً فهبط إلى الأرض حتى دخلت تحت الأرضين السبع وضبطها فلم يكن لقدميه موضع قرار فأهبط الله تعالى من الفردوس ثوراً له أربعون ألف قرن وأربعون ألف قائمة وجعل قرار قدم الملك على سنامه فلم تستقر قدمه فأخذ الله ياقوتة خضراء من أعلى درجة الفردوس غلظها مسيرة خمسمائة سنة فوضعها بين سنام الثور إلى أذنه فاستقر عليها قدما الملك وقرون ذلك الثور خارجة من أقطار الأرض ومنخراه في البحر فهو يتنفس كل يوم نفساً فإذا تنفس مد البحر وإذا رد نفسه جزر البحر فلم يكن لقوائم الثور قرار فخلق الله تعالى صخرة كغلظ سبع سموات وسبع أرضين فاستقرت قوائم الثور عليها وهي الصخرة التي قال لقمان لابنه فتكن في صخرة فلم يكن للصخرة مستقر فخلق الله تعالى نوناً وهو الحوت العظيم فوضع الصخرة على ظهره وسائر جسده خال والحوت على البحر والبحر على متن الريح والريح على القدرة قيل فكل الدنيا بما عليها حر فان قال لها