صفحة رقم ١٥٣
ويعقلون ولم نخلقهم كالبهائم بلا علم ولا عقل.
المعارج :( ٤٠ - ٤٤ ) فلا أقسم برب...
" فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون " ( ) فلا أقسم ( يعني وأقسم وقد تقدم بيانه ) برب المشارق والمغارب ( يعني مشرق كل يوم من السنة ومغربه.
وقيل يعني مشرق كل نجم ومغربه ) إنا لقادرون على أن نبدل خيراً منهم ( معناه إنا لقادرون على إهلاكهم وعلى أن نخلق أمثل منهم وأطوع لله ) وما نحن بمسبوقين ( أي بمغلوبين عاجزين عن إهلاككم وإبدالكم بمن هو خير منكم ) فذرهم يخوضوا ( أي في أباطيلهم ) ويلعبوا ( في دنياهم ) حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ( نسختها آية القتال ثم فسر ذلك فقال تعالى :( يوم يخرجون من الأجداث ( يعني القبور ) سراعاً ( أي إلى إجابة الداعي ) كأنهم إلى نصب ( يعني إلى شيء منصوب كالعلم والراية ونحوه.
وقرىء بضم النون والصاد وهي الأصنام التي كانوا يعبدونها ) يوفضون ( أي يسرعون ومعنى الآية أنهم يخرجون من الأجداث يسرعون إلى الداعي مستبقين إليه كما كانوا يستبقون إلى نصبهم ليستلموها ) خاشعة أبصارهم ( أي ذليلة خاضعة ) ترهقهم ذلة ( أي يغشاهم هوان ) ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ( يعني يوم القيامة الذي كانوا يوعدون به في الدنيا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
سورة نوح
( تفسير سوة نوح عليه السلام مكية ) وهي ثمان وعشرون آية ومائتان وأربعة وعشرون كلمة وتسعمائة وتسعة وتسعون حرفاً.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
نوح :( ١ - ٨ ) إنا أرسلنا نوحا...
" إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ثم إني دعوتهم جهارا " ( قوله عز وجل :( إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه أن أنذر قومك ( أي بأن خوف قومك وحذرهم ) من قبل أن يأتيهم عذاب أليم ( يعني الغرق بالطوفان والمعنى إنا أرسلناه لينذرهم بالعذاب إن لم يؤمنوا ) قال يا قوم إني لكم نذير مبين ( أي أنذركم وأبين لكم ) أن اعبدوا الله ( أي وحدوه ولا تشركوا به شيئاً ) واتقوه ( أي وخافوه بأن تحفظوا أنفسكم مما يؤثمكم ) وأطيعون ( أي فيما آمركم به من عبادة الله وتقواه ) يغفر لكم من ذنوبكم ( أي يغفر لكم ذنوبكم.
ومن صلة وقيل يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم إلى وقت الإيمان وذلك بعض الذنوب ) ويؤخركم إلى أجل مسمى ( أي إلى منتهى آجالكم فلا يعاقبكم ) إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون (، معناه يقول آمنوا قبل الموت تسلموا من العذاب فإن أجل الله وهو الموت إذا جاء لا يؤخر، قال الزمخشري إن قلت كيف قال ويؤخركم مع الإخبار بامتناع تأخير الأجل وهل هذا إلى تناقض قلت قضى مثلاً أن قوم نوح إن آمنوا عمرهم ألف سنة وإن بقوا على كفرهم أهلكهم على رأس تسعمائة سنة فقيل لهم آمنوا يؤخركم إلى أجل مسمى أي إلى وقت سماه الله وضربه أمداً تنتهون إليه لا تتجاوزونه وهو الوقت الأطول تمام الألف.
ثم أخبر أنه إذا جاء ذلك الأجل لا يؤخر كما يؤخر هذا الوقت ولم تكن حيلة فبادروا في أوقات الإمهال والتأخير عنكم وحيث يمكنكم