صفحة رقم ١٥٧
الدوران.
وقيل أصله من الدار أي نازل دار ) إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ( قال ابن عباس وغيره كان الرجل ينطلق بابنه إلى نوح فيقول له احذر هذا فإنه كذاب وإن أبي حذرنيه، فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك ) ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً ( إنما قال نوح هذا حين أخرج الله كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم وأعقم بعد ذلك أرحام النساء وأيبس أصلاب الرجال وذلك قبل نزول العذاب بأربعين سنة.
وقيل بسبعين سنة وأخبر الله نوحاً أنهم لا يؤمنون ولا يلدون مؤمناً فحينئذ دعا عليهم فأجاب الله دعوته فأهلكهم جميعاً ولم يكن معهم صبي وقت العذاب لأن الله تعالى أعقمهم قبل العذاب ) رب اغفر لي ( وذلك أنه لما دعا على الكفار قال رب اغفر لي يعني ما صدر مني من ترك الأفضل، وقيل يحتمل أنه لما دعا على الكفار قال رب اغفر لي يعني ما صدر مني من ترك الأفضل.
وقيل يحتمل أنه حين دعا على الكفار أنه إنما دعا عليهم بسبب تأذيه منهم فكان ذلك الدعاء عليهم كالانتقام منهم فاستغفر من ذلك لما فيه من طلب حظ النفس أو لأنه ترك الاحتمال.
) ولوالديَّ ( وكان اسم أبيه ملك بن متوشلخ واسم أمه سمخاء بنت أنوش وكانا مؤمنين وقيل لم يكن بين آدم ونوح عليهما السلام من آبائه كافر وكان بينهما عشرة آباء ) ولمن دخل بيتي مؤمناً ( أي داري وقيل مسجدي وقيل سفينتي ) وللمؤمنين والمؤمنات ( وهذا عام في كل مؤمن آمن بالله وصدق الرسل، وإنما بدأ بنفسه لأنها أولى بالتخصيص والتقديم ثم ثنى بالمتصلين به لأنهم أحق بدعائه من غيرهم ثم عمم جميع المؤمنين والمؤمنات ليكون ذلك أبلغ في الدعاء، ) ولا تزد الظالمين إلا تباراً ( أي هلاكاً ودماراً فاستجاب الله تعالى دعاءه فأهلكهم جميعاً والله أعلم.
سورة الجن
( تفسير سورة الجن ) وهي ثمان وعشرون آية ومائتان وخمس وثمانون كلمة وثمانمائة وسبعون حرفاً.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الجن :( ١ - ٤ ) قل أوحي إلي...
" قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا " ( قوله عز وجل :( قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن ( اختلف الناس قديماً وحديثاً في ثبوت وجود الجن فأنكر وجودهم معظم الفلاسفة، واعترف بوجودهم جمع منهم وسموهم بالأرواح السفلية، وزعموا أنهم أسرع إجابة من الأرواح الفلكية إلا أنهم أضعف.
وأما جمهور أرباب الملل وهم أتباع الرسل والشرائع فقد اعترفوا بوجود الجن لكن اختلفوا في ماهيتهم، فقيل الجن حيوان هوائي يتشكل بأشكال مختلفة، وقيل إنها جواهر وليست بأجسام ولا أعراض ثم هذه الجواهر أنواع مختلفة بالماهية فبعضها خيرة كريمة محبة للخيرات وبعضها دنيئة خسيسة شريرة محبة للشرور والآفات ولا يعلم عدة أنواعهم إلا الله تعالى، وقيل إنهم أجسام مختلفة الماهية لكن تجمعهم صفة واحدة وهي كونهم حاصلون في الحيز موصوفون بالطول والعرض والعمق، وينقسمون إلى لطيف وكثيف وعلوي وسفلي ولا يمتنع في بعض الأجسام اللطيفة الهوائية أن تكون مخالفة لسائر أنواع الأجسام في الماهية وأن يكون لها علم مخصوص وقدرة مخصوصة على أفعال عجيبة أو شاقة يعجز البشر عن مثلها.
وقد يتشكلون بأشكال مختلفة وذلك بإقدار الله تعالى إياهم على ذلك، وقيل إن الأجسام متساوية في تمام الماهية وليست البنية شرطاً للحياة وهذا قول الأشعري وجمهور أتباعه، وشذ تأويل المعتزلة من هذه الأمة فأنكروا وجود الجن وقالوا