صفحة رقم ١٨١
الكثيرة كفت في الدّلالة على صحة النّبوة فطلب الزّيادة يكون من باب التعنت ) كلا ( أي حقاً ) إنه تذكرة ( يعني إنه عظة عظيمة ) فمن شاء ذكره ( أي اتعظ به فإنما يعود نفع ذلك عليه ) وما يذكرون إلا أن يشاء الله ( أي إلا أن يشاء الله لهم الهدى فيتذكروا ويتعظوا ) هو أهل التقوى وأهل المغفرة ( أي هو حقيق بأن يتقيه عباده ويخافوا عقابه فيؤمنوا به ويطيعوه، وهو حقيق بأن يغفر لهم ما سلف من كفرهم وذنوبهم وقيل هو أهل أن تتقى محارمه، وأهل أن يغفر لمن اتقاه عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله ( ﷺ ) قال في هذه الآية :( هو أهل التّقوى وأهل المغفرة قال الله تبارك، وتعالى أنا أهل أن أتقى فمن اتقاني فلم يجعل معي إلهاً فأنا أهل أن أغفر له ) أخرجه التّرمذي، وقال حديث غريب وفي إسناده سهيل بن عبد الله القطيعي وليس بالقوي في الحديث وقد تفرد به عن ثابت، والله تعالى أعلم بمراده.
سورة القيامة
( تفسير سورة يوم القيامة ) وهي أربعون آية ومائة وتسع وتسعون كلمة وستمائة واثنان وخمسون حرفاً.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
القيامة :( ١ - ٣ ) لا أقسم بيوم...
" لا أقسم بيوم القيامة ولا أقسم بالنفس اللوامة أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه " ( قوله عز وجل :( لا أقسم بيوم القيامة ( اتفقوا على أن المعنى أقسم، واختلفوا في لفظ لا فقيل إدخال لفظة لا على القسم مستفيض في كلام العرب وأشعارهم، قال امرؤ القيس :
لا وأبيك ابنة العامري
لا يدعي القوم أني أفر
" قالوا : وفائدتها تأكيد القسم كقولك لا والله ما ذاك كما تقول تريد والله فيجوز حذفها.
لكنه أبلغ في الرّد مع إثباتها، وقيل إنها صلة كقول الله تعالى :( لئلا يعلم أهل الكتاب ( وفيه ضعف لأنها لا تزاد إلا في وسط الكلام لا في أوله.
وأجيب عنه بأن القرآن في حكم السّورة الواحدة بعضه متصل ببعض يدل عليه أنه قد يجيء ذكر الشيء في سورة، ويذكر جوابه في سورة أخرى كقوله :( يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ( " وجوابه في سورة ) ما أنت بنعمة ربك بمجنون ( وإذا كان كذلك كان أول هذه السورة جارياً مجرى الوسط وفيه ضعف أيضاً لأن القرآن في حكم السّورة الواحدة في عدم التناقض لا أن تقرن سورة بما بعدها فذلك غير جائز، وقيل لا رد لكلام المشركين المنكرين للبعث أي ليس الأمر كما زعموا، ثم ابتدأ فقال أقسم بيوم القيامة وأقسم بالنفس اللّوامة، وقيل الوجه فيه أن يقال إن لا هي للنفي، والمعنى في ذلك كأنه قال لا أقسم بذلك اليوم ولا بتلك النّفس إلا إعظاماً لهما فيكون الغرض تعظيم المقسم به وتفخيم شأنه، وقيل معناه لا أقسم بهذه الأشياء على إثبات هذا المطلوب فإنه إثباته أظهر من أن يقسم عليه.
وروى البغوي في تفسير القيامة عن المغيرة بن شعبة قال : يقولون القيامة وقيامة أحدهم موته وشهد علقمة جنازة فلما دفنت قال أما هذا فقد قامت قيامته وفيه ضعف لاتفاق المفسرين على أن المراد به القيامة الكبرى لسياق الآيات في ذلك.
وقوله ) ولا أقسم بالنفس اللوامة ( قيل هي التي