صفحة رقم ١٩٩
للمكذبين ( قوله عز وجل ) كلوا وتمتعوا قليلا ( يقول لكفار مكة كلوا وتمتعوا قليلا في الدنيا إلى منتهى آجالكم وهذا وإن كان في ظاهر اللفظ أمرا إلا أنه في المعنى نهي بليغ وزجر عظيم ) إنكم مجرمون ( أي مشركون بالله مستحقون للعقاب لا جرم أتبعه بقوله ) ويل يومئذ للمكذبين وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ( أي وإذا قيل صلوال مع محمد وأصحابه لا يصلون فعبر عن الصلاة بلفظ الركوع لأنه ركن من لأركانها وقال ابن عباس إنما يقال لهم هذا يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون )
المرسلات :( ٤٩ - ٥٠ ) ويل يومئذ للمكذبين
" ويل يومئذ للمكذبين فبأي حديث بعده يؤمنون " ( ) ويل يومئذ للمكذبين فبأي حديث بعده يؤمنون ( أي بعد نزول القرآن إذا لم يؤمنوا به فبأي شيء يؤمنون والله أعلم.
سورة النبأ
تفسير سورة النبأ وتسمى سورة عم يتساءلون والتساؤل مكية وهي أربعون آية ومائة وثلاث وسبعون كلمة وسبعون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
النبأ :( ١ - ٨ ) عم يتساءلون
" عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا وخلقناكم أزواجا " ( قوله عز وجل :( عم ( أصله عن ما ) يتساءلون ( عن أي شيء يتساءلون يعني المشركين ولفظه استفهام، ومعناه التفخيم كقولك، أي شيء زيد إذا عظمت شأنه، وذلك أن النبي ( ﷺ ) لما دعاهم إلى التوحيد، وأخبرهم بالبعث بعد الموت، وتلا عليهم القرآن جعلوا يتساءلون فيما بينهم فيقول بعضهم لبعض ماذا جاء به محمد ( ﷺ ) ثم ذكر عما ذا تساؤلهم فقال تعالى :( عن النبأ العظيم ( يعني الخبر العظيم الشأن قال الأكثرون هو القرآن، وقيل هو البعث وقيل نبوة محمد ( ﷺ ) وما جاء به ) الذي هم فيه مختلفون ( فمن فسر النبأ العظيم بالقرآن قال اختلافهم فيه هو قولهم إنه سحر أو شعر أو كهانة أو نحو ذلك مما قالوه في القرآن، ومن فسر النبأ العظيم بالبعث قال اختلافهم فيه فمن مصدق به، وهم المؤمنون ومن مكذب به، وهم الكافرون ومن فسره بنبوة محمد ( ﷺ ) قال اختلافهم فيه كاختلافهم في القرآن ) كلا ( هي ردع وزجر وقيل هي نفي لاختلافهم، والمعنى ليس الأمر كما قالوا ) سيعلمون ( أي عاقبة تكذيبهم حين ينكشف الأمر يعني في القيامة ) ثم كلا سيعلمون ( وعيد على أثر وعيد، وقيل معناه كلا سيعلمون يعني الكافرين عاقبة تكذيبهم وكفرهم ثم كلا سيعلمون يعني المؤمنين عاقبة تصديقهم وإيمانهم ثم ذكر أشياء من عجائب صنائعه ليستدلوا بذلك على توحيده، ويعلموا أنه قادر على إيجاد العالم وفنائه بعد إيجاده وإيجاده مرة أخرى للبعث والحساب، والثواب، والعقاب فقال تعالى :( ألم نجعل الأرض مهاداً ( أي فراشاً وبساطاً لتستقر عليها الأقدام ) والجبال أوتاداً ( يعني للأرض حتى لا تميد ) وخلقناكم أزواجاً ( يعني أصنافاً ذكوراً وإناثاً.
النبأ :( ٩ - ١٨ ) وجعلنا نومكم سباتا
" وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا إن يوم الفصل كان ميقاتا يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا " ( ) وجعلنا نومكم سباتاً ( أي راحة لأبدانكم وليس الغرض أن السبات للراحة بل المقصود منه أن النوم يقطع التعب ويزيله، ومع ذلك تحصل الراحة، وأصل السبت القطع، ومعناه أن النوم