صفحة رقم ٢٢٣
بن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم من مترفي أهل مكة ) كانوا من الذين آمنوا ( أي من عمار وخباب وصهيب وبلال وأصحابهم من فقراء المؤمنين ) يضحكون ( أي منهم ويستهزئون بهم ) وإذا مروا بهم ( يعني مر المؤمنون الفقراء بالكفار الأغنياء ) يتغامزون ( يعني يتغامز الكفار والغمز الإشارة بالجفن والحاجب أي يشيرون إليها بالأعين استهزاء بهم ) وإذا انقلبوا إلى أهلهم ( يعني الكفار ) انقلبوا فكهين ( أي معجبين بما هم فيه، وقيل ينقلبون بذكرهم كأنهم يتفكهون بحديثهم ) وإذا رأوهم ( يعني رأوا أصحاب محمد ( ﷺ ) ) قالوا إن هؤلاء لضالون ( أي هم في ضلال يأتون محمداً ويرون أنهم على شيء.
قال الله عز وجل :( وما أرسلوا ( يعني المشركين ) عليهم ( يعني على المؤمنين ) حافظين ( أي لأعمالهم والمعنى أنهم لم يوكلوا بحفظ أعمالهم قوله عز وجل :( فاليوم ( يعني في الآخرة ) الذين آمنوا من الكفار يضحكون ( وسبب هذا الضحك أن الكفار لما كانوا في الدّنيا يضحكون من المؤمنين لما هم فيه من الشدة والبلاء فلما أفضوا إلى الآخرة انعكس ذلك الأمر فصار المؤمنون في السرور والنّعيم وصار الكفار في العذاب والبلاء، فضحك المؤمنون من الكافرين لما رأوا حالهم وقال أبو صالح : تفتح للكافرين أبواب النّار وهم فيها ويقال لهم اخرجوا فإذا انتهوا إليها أغلقت دونهم فيفعل ذلك بهم مراراً والمؤمنون ينظرون إليهم ويضحكون منهم وقال كعب بين الجنة والنّار كوى، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدوه في الدّنيا من الكفار اطلع عليه من تلك الكوى وهو يعذب فيضحك منه فذلك قوله تعالى :( فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون (.
المطففين :( ٣٥ - ٣٦ ) على الأرائك ينظرون
" على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون " ( ) على الأرائك ( جمع أريكة وهو السرير ويتخذ في الحجلة وهي الكلة يزين بها البيت، وأرائك الجنة من الدر والياقوت ) ينظرون ( يعني إليهم وهم في النّار يعذبون قال الله تعالى ) هل ثُوِّبَ الكفار ( أي جوزي الكفار ) ما كانوا يفعلون ( أي بالمؤمنين من الاستهزاء والضحك وهذا الاستفهام بمعنى التقرير، وثوب، وأثيب بمعنى، قال أوس :
سأجزيك أو يجزيك عني مُثَوِّبٌ
وحسبك أن يثنى عليك وتحمدي
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سورة الانشقاق
( تفسير سورة الإنشقاق ) وهي خمس وعشرون آية ومائة وسبع كلمات وأربعمائة وثلاثون حرفاً.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الإنشقاق :( ١ - ٧ ) إذا السماء انشقت
" إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه فأما من أوتي كتابه بيمينه " ( قوله عز وجل :( إذا السّماء انشقت ( يعني عند قيام السّاعة وهي من علاماتها ) وأذنت لربها ( أي سمعت أمر ربها بالانشقاق، وأطاعته من الأذن وهو الاستماع ) وحقت ( أي حق لها أن تطيع أمر ربها ) وإذا الأرض مدت ( يعني مد الأديم العكاظي وزيد في سعتها، وقيل سويت فلا يبقى