صفحة رقم ٢٤٠
من تولى وكفر بعد التذكير ) فيعذبه الله العذاب الأكبر ( وهو أن يدخله النار، وإنما قال : الأكبر لأنهم عذبوا في الدنيا بأنواع من العذاب مثل الجوع، والقحط والقتل، والأسر، فكانت النار أكبر من هذا كله.
) إن إلينا إيابهم ( أي رجوعهم بعد الموت.
) ثم إن علينا حسابهم ( يعني جزاءهم بعد الرجوع إلينا، والله أعلم.
سورة الفجر
تفسير سورة الفجر مكية وهي تسع وعشرون آية وقيل ثلاثون آية ومائة وتسعون كلمة وخمسمائة وسبعة وتسعون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الفجر :( ١ - ٣ ) والفجر
" والفجر وليال عشر والشفع والوتر " ( قوله عزّ وجلّ :( والفجر ( أقسم الله عزّ وجلّ بالفجر وما بعده لشرفها وما فيها من الفوائد الدينية وهي أنها دلائل باهرة، وبراهين قاطعة، على التوحيد، وفيها من الفوائد الدنيوية أنها تبعث على الشكر.
واختلفوا في معاني هذه الألفاظ، فروي عن ابن عباس، أنه قال : الفجر هو انفجار الصبح في كل يوم، أقسم الله تعالى به لما يحصل فيه من انقضاء الليل، وظهور الضوء، وانتشار الناس، وسائر الحيوانات في طلب الأرزاق، وذلك يشبه نشر الموتى من قبورهم للبعث.
وعن ابن عباس أيضاً أنه صلاة الفجر، والمعنى أنه أقسم بصلاة الفجر لأنها مفتتح النهار، ولأنها مشهودة يشهدها ملائكة الليل، وملائكة النهار، وقيل إنه فجر معين.
واختلفوا فيه، فقيل هو فجر أول يوم من المحرم، لأن منه تنفجر السنة وقيل هو فجر ذي الحجة، لأنه قرن به الليالي العشر، وقيل هو فجر يوم النحر، لأن فيه أكثر مناسك الحج، وفيه القربات.
) وليال عشر ( قيل إنما نكرها لما فيها من الفضل، والشرف الذي لا يحصل في غيرها.
روي عن ابن عباس أنها العشر الأول من ذي الحجة لأنها أيام الاشتغال بأعمال الحج، وأخرج الترمذي عن ابن عباس أن رسول الله قال :( ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )، وذكر الحديث، وروي عن ابن عباس قال : هي العشر الأواخر من رمضان، لأن فيها ليلة القدر، ولأن رسول الله كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان أحيا ليله، وشد مئزره، وأيقظ أهله، يعني للعبادة ؛ وقيل هي العشر الأول من المحرم، وهو تنبيه على شرفه، ولأن فيه يوم عاشوراء.
) والشفع والوتر ( قيل الشفع هو الخلق، والوتر هو الله تعالى يروى ذلك عن أبي سعيد الخدري، وقيل الشفع هو الخلق كالإيمان والكفر، والهدى، والضلالة، والسعادة، والشقاوة، والليل، والنهار، والأرض، والسماء، والشمس، والقمر، والبر، والبحر، والنور، والظلمة، والجن، والإنس.
والوتر هو الله تعالى، وقيل الخلق كله فيه شفع وفيه وتر.
وقيل هما الصلوات منها شفع ومنها وتر عن عمران بن حصين رضي الله عنه ( أن رسول الله سئل عن الشفع والوتر قال : هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر ) أخرجه الترمذي.
وقال : حديث غريب وعن ابن عباس