صفحة رقم ٢٨٠
النبي ( ﷺ )، فإنها منقبة عظيمة لم يشاركه فيها أحد من الصّحابة، وقيل إنما بكى خوفاً من تقصيره في شكره هذه النعمة.
وأما تخصيص هذه السورة بالقراءة فإنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة وكان الحال يقتضي الاختصار وأما الحكمة في أمر النبي ( ﷺ ) بالقراءة على أبي فهي ا، يتعلم أبي القراءة من ألفاظه ( ﷺ ) وضبط أسلوب الوزن المشروع وقدره بخلاف ما سواه من النعم المستعملة في غيره فكانت قراءته على أبي ليتعلم هو من أبي وقيل إنما قرأ على أبي ليتعلم غيره التواضع والأدب وأن لا يستنكف الشريف وصاحب الرتبة العالية أن يتعلم القرآن ممن دونه وفيه تنبيه على فضيلة أبي والحث عن الأخذ عنه وتقديمه يفي ذلك فكان كذلك بعد النبي رأسا وإما ما في القراءة وغيرها وكان أحد علماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه
سورة الزلزلة
تفسير سورة الزلزلة وهي مكية وقيل مدنية وهي ثمان آيات وخمس وثلاثون كلمة ومائة وتسعة وأربعون حرفا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ' إذا زلزلت تعدل نصف القرآن وقيل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن وقيل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن ' أخرجه الترمذي وقال حديث غريب وله عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ' من قرأ إذا زلزلت عدلت له نصف القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له ربع القرآ، ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له ثلث القرآن ' وقال حديث غريب.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الزلزلة :( ١ - ٦ ) إذا زلزلت الأرض...
" إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان ما لها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم " ( قوله عزّ وجلّ :( إذا زلزلت الأرض زلزالها ( أي تحركت حركة شديدة، واضطربت، وذلك عند قيام الساعة، وقيل تزلزل من شدة صوت إسرافيل حتى ينكسر كل ما عليها من شدة الزّلزلة ولا تسكن حتى تلقي ما على ظهرها من جبل، وشجر، وبناء وفي وقت هذه الزّلزلة قولان أحدهما : وهو قول الأكثرين، أنها في الدّنيا، وهي من أشراط السّاعة والثاني أنها زلزلت يوم القيامة.
) وأخرجت الأرض أثقالها ( فمن قال إن الزّلزلة تكون في الدّنيا قال أثقالها كنوزها، وما في بطنها من الدّفائن، والأموال فتلقيها على ظهرها يدل على صحة هذا القول، ما روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ( ﷺ ) ( تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانة من الذهب، والفضة، فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت ويجيء القاطع، فيقول في هذا قطعت رحمي، ويجيء السّارق فيقول في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئاً ) أخرجه مسلم والأفلاذ جمع فلذة وهي القطعة المستطيلة شبه ما يخرج من باطنها بأقطاع كبدها، لأن الكبد مستور في الجوف، وإنما خص الكبد لأنها من أطيب ما يشوى عند العرب من الجزور، واستعار القيء للإخراج، ومن قال بأن الزّلزلة تكون يوم القيامة، قال أثقالها الموتى فتخرجهم إلى ظهرها قيل إن الميت إذا كان في بطن الأرض، فهو ثقل لها وإذا كان فوقها، فهو ثقل عليها، ومنه سميت