صفحة رقم ٢٩٩
اللّهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف فاشتد عليهم القحط، وأصابهم الجوع، والجهد، فقالوا : يا محمد ادع الله لنا فإنا مؤمنون فدعا رسول الله ( ﷺ ) فأخصبت البلاد، وأخصب أهل مكة بعد القحط، والجهد، فذلك قوله تعالى ) الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (، أي بالحرم وكونهم من أهل مكة حتى لم يتعرض لهم أحد في رحلتهم، وقيل آمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم الجذام، وقيل آمنهم بمحمد ( ﷺ ) وبالإسلام والله أعلم.
سورة الماعون
تفسير سورة الماعون وهي مكية وقيل نزلها نصفها بمكة في العاص بن وائل والنصف الثاني بالمدينة في عبد الله بن أبي سلول المنافق وهي سبع آيات وخمسة وعشرون حرفا.
( بسم الله الرحمن الرحيم ) قوله عز وجل )
الماعون :( ١ ) أرأيت الذي يكذب...
" أرأيت الذي يكذب بالدين " ( قوله عزّ وجلّ :( أرأيت الذي يكذب بالدين ( قيل نزل في العاص بن وائل السّهمي، وقيل في الوليد بن المغيرة، وقيل في عمرو بن عائذ المخزومي، وفي رواية عن ابن عباس أنها في رجل من المنافقين، ومعنى الآية هل عرفت الذي يكذب بيوم الجزاء، والحساب، فإن لم تعرفه.
الماعون :( ٢ - ٧ ) فذلك الذي يدع...
" فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون " ( ) فذلك الذي يدع اليتيم ( ولفظ أرأيت استفهام، والمراد به المبالغة في التّعجب من حال هذا المكذب بالدّين وهو خطاب للنبي ( ﷺ )، وقيل هو خطاب لكل واحد، والمعنى أرأيت يا أيها الإنسان أو يا أيّها العاقل هذا الذي يكذب بالدين بعد ظهور دلائله، ووضوح بيانه، فكيف يليق به ذلك الذي يدع اليتيم، أي يقهره، ويدفعه عن حقه، والدع الدفع بعنف، وجفوة، والمعنى أنه يدفعه عن حقه، وماله بالظلم، وقيل يترك المواساة له وإن لم تكن المواساة واجبة، وقيل يزجره، ويضربه، ويستخف به، وقرىء يدعو بالتخفيف، أي يدعوه ليستخدمه قهراً واستطالة.
) ولا يحض على طعام المسكين ( أي لا يطعمه ولا يأمر بإطعامه لأنه يكذب بالجزاء، وهذا غاية البخل، لأنه يبخل بماله وبمال غيره بالإطعام.
قوله تعالى :( فويل للمصلين ( يعني المنافقين، ثم نعتهم فقال تعالى :( الذين هم عن صلاتهم ساهون ( روى البغوي بسنده عن سعد قال ( سئل رسول الله ( ﷺ ) عن الذين هم عن صلاتهم ساهون قال إضاعة الوقت ) وقال ابن عباس : هم المنافقون يتركون الصلاة إذا غابوا عن الناس.
ويصلون في العلانية إذا حضروا معهم لقوله تعالى ) الذين هم يراؤون ( وقال تعالى في وصف المنافقين ) وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ( " وقيل ساه عنها لا يبالي صلى أو لم يصل، وقيل لا يرجون لها ثواباً إن صلوا ولا يخافون عليها عقاباً إن تركوا، وقيل غافلون عنها ويتهاونون بها، وقيل هم الذين إن صلوا صلوها رياء وإن فاتتهم لم يندموا عليها وقيل هم الذين لا يصلونها لمواقيتها، ولا يتمون ركوعها، ولا سجودها، وقيل لما قال تعالى عن صلاتهم ساهون بلفظة عن علم أنها في المنافقين، والمؤمن قد يسهو في صلاته والفرق بين السهوين أن سهو المنافق هو أن لا يتذكرها، ويكون فارغاً عنها، والمؤمن إذا سها في صلاته تداركه في الحال، وجبره


الصفحة التالية
Icon